والمعنى بقوله: {(فَأَنّى تُسْحَرُونَ)} أي كيف يخيّل لكم الحقّ باطلا، والصحيح فاسدا.
قوله تعالى:{بَلْ أَتَيْناهُمْ بِالْحَقِّ؛} أي جئناهم بالحقّ وبيّنّا لهم، يعني أتيناهم بالتوحيد والقرآن، {وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ}(٩٠)؛فيما يضيفون إلى الله من الولد والشّريك.
قوله تعالى:{مَا اتَّخَذَ اللهُ مِنْ وَلَدٍ؛} هذا ردّ على اليهود في قولهم: عزير ابن الله، وعلى النصارى في قولهم: المسيح ابن الله، وعلى من قال من المشركين:
الملائكة بنات الله، {وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ،} هذا ردّ على عبدة الأوثان.
وقوله تعالى:{إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ؛} معناه: لو كان معه آلهة لا نفرد كلّ إله بخلقه، لا يرضى أن يضاف خلقه وإنعامه إلى غيره، {وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ؛} أي لطلب بعضهم قهر بعض، فلم ينتظم أمرهما كما لا ينتظم أمر بلد فيه ملكان قاهران.
قوله تعالى:{سُبْحانَ اللهِ؛} أي تنزيها لله {عَمّا يَصِفُونَ}(٩١)؛ من اتّخاذ الولد والشريك،
{عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ؛} من خفضه جعله نعت الله، ومن رفعه كان خبر مبتدأ محذوف تقديره: هو عالم، فقراءة الخفض هي قراءة ابن كثير وأبي عمرو، وقراءة الباقين بالرفع (١).ومعنى الآية: عالم ما غاب عن العباد وما علمه العباد، {فَتَعالى عَمّا يُشْرِكُونَ}(٩٢).
قوله تعالى:{قُلْ رَبِّ إِمّا تُرِيَنِّي ما يُوعَدُونَ}(٩٣)؛معناه: قل يا محمّد رب أرني ما يوعدون من العذاب والنّقمة؛ يعني القتل ببدر. وقيل: معناه: قل يا محمّد: يا
{رَبِّ؛} إن أريتني ما يوعدون من العذاب، {فَلا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظّالِمِينَ}(٩٤)؛أي منهم.
قوله تعالى:{وَإِنّا عَلى أَنْ نُرِيَكَ ما نَعِدُهُمْ}
(١) ينظر: الحجة للقراء السبعة: ج ٣ ص ١٨٦.وفي الجامع لأحكام القرآن: ج ١٢ ص ١٤٧؛ قال القرطبي: (وقرأ نافع وأبو بكر وحمزة والكسائي: (عالم) بالرفع على الاستئناف، أي هو (عالم الغيب).الباقون بالجر على الصفة لله. وروى رويس عن يعقوب: (عالم) إذا وصل خفضا و (عالم) إذا ابتدأ رفعا).