للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{لَقادِرُونَ} (٩٥)؛أي نحن قادرون على تعذيبهم، لكنّ الإمهال لحكمة تقتضي ذلك.

قوله تعالى: {اِدْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ؛} يعني بالإحسان الإعراض والصّفح، والسّيّئة: أذى المشركين إيّاه، وهذا قبل الأمر بالقتال، والمعنى: اذكر لهم المقاتلة والحجة على طريق التلطّف والاستدعاء إلى الحق كما قال تعالى {فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً} (١).قوله تعالى: {نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَصِفُونَ} (٩٦)؛أي بما يكذّبون وبما يقولونه من الشّرك فيجازيهم عليه.

قوله تعالى: {وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزاتِ الشَّياطِينِ} (٩٧)؛أي اعتصم بك وأمتنع بك من همزات الشّياطين، وهمزات الشياطين: دفعهم الناس إلى المعاصي بالإغواء، ويقال: الهمزة هي الوسوسة الشّاغلة عن أمر الله تعالى،

{وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ} (٩٨)؛عند القراءة وعند الموت وعند الغضب. وعن الحسن: أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قام إلى الصّلاة فهلّل وكبّر ثلاثا؛ وقال: [أعوذ بالله من الشّيطان الرّجيم، من همزه ولمزه ونفثه ونفخه] فسئل عن همزه؛ فقال: [هو أخذ الشّيطان للإنسان حتّى يصرع ويجنّ] وسئل عن نفثه؛ فقال: [هو الشّعر] وسئل عن نفخه؛ فقال: [إنّه الكبر] (٢).

قوله تعالى: {حَتّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ} (٩٩)؛أخبر الله تعالى أن هؤلاء الكفار الذين ينكرون البعث يسألون الرجعة إلى الدّنيا عند معاينة الموت. والمعنى: حتّى إذا عاين أحدهم الموت وأعوانه قال: ربّ ارجعون إلى الدّنيا.

وإنّما قال: {(رَبِّ ارْجِعُونِ)} بلفظ الجماعة لأن الله تعالى يخبر عن نفسه بما يخبر به عن الجماعة في قوله تعالى {إِنّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ} (٣) وأمثاله، وكذلك العرب


(١) طه ٤٤/.
(٢) رواه الإمام أحمد في المسند: ج ٥ ص ٢٥٣.وعبد الرزاق في المصنف: ج ٢ ص ٨٤:الحديث (٢٥٨٠).
(٣) ق ٤٣/.

<<  <  ج: ص:  >  >>