للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومعنى الآية: الزّانية والزّاني إذا كانا حرّين بالغين عاقلين بكرين غير محصنين، فاضربوا كلّ واحد منهما مائة جلدة. فأمّا إذا كانا مملوكين، فيحدّ كلّ واحد منهما خمسون جلدة في الزّنا لقوله تعالى في الإماء: {فَإِذا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ ما عَلَى الْمُحْصَناتِ مِنَ الْعَذابِ} (١) يعني إذا عقلن فعليهنّ نصف حدّ الحرائر.

وإذا كان الزّاني محصنا فحدّه الرجم؛ لأنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم رجم ماعز بن مالك الأسلميّ بزناه، وكان قد أحصن. وكان عمر عليه السّلام يقول: (إنّي لأخشى إن طال الزّمان أن يقول قائل: لا نجد الرّجم في كتاب الله تعالى، فيضلّوا بترك الفريضة أنزلها الله، وقد قرأنا: [الشّيخ والشّيخة إذا زنيا فارجموهما البتّة] ورجم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ورجمنا بعده، ولولا أنّ النّاس يقولون: زاد عمر في كتاب الله لكتبت ذلك على حاشية الكتاب) (٢).واجتمعت الأمة على رجم المحصنين إذا زنيا إلاّ الخوارج.

وأما الإحصان في هذا فهو أن يكون حرّا بالغا عاقلا مسلما قد تزوّج قبل ذلك نكاحا صحيحا، ودخل بزوجته في وقت كانا جميعا فيه على صفة الإحصان، وهذا قول أبي حنيفة ومحمّد، فإنّهما يشرطان هذه الشّرائط السبعة في إحصان الزّاني.

وأما أبو يوسف فلا يجعل الإسلام من شرائط الإحصان، ولا يشترط كونهما على صفة الإحصان وقت الدّخول في النكاح الصحيح، فجعل الرجل البالغ العاقل المسلم محصنا بالدخول بزوجته الأمة والصبيّة والكتابيّة، ويجعل الزوجين الرّقيقين محصنين بالدخول في النكاح الذي بينهم إذا أعتقا بعد ذلك، فإن لم يوجد الدخول في ذلك النكاح بعد العتق إلى أن زنى واحد منهما، فهما غير محصنين عنده.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أنّ رجلا من الأعراب جاء إلى رسول الله: أنشدك الله


(١) النساء ٢٥/.
(٢) أخرجه البخاري في الصحيح: كتاب الحدود: باب رجم الحبلى: الحديث (٦٨٣٠).ومسلم في الصحيح: كتاب الحدود: باب رجم الثيب بالزنى: الحديث (١٦٩١/ ١٥).والإمام أحمد في المسند: ج ١ ص ٢٩ بإسناد صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>