للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {وَلَقَدْ صَرَّفْناهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا؛} أي صرّفنا المطر فقسّمناه بينهم على ما توجّه الحكمة لتذكروا أنعم الله فتشكروها، {فَأَبى أَكْثَرُ النّاسِ إِلاّ كُفُوراً} (٥٠)؛أي جحودا به كلّما أنزل المطر، يقولون: مطرنا بنوء كذا.

وعن ابن عبّاس أنه قال: (ما عام بأمطر من عام، ولكنّ الله يقسّمه على من يشاء من عباده) (١)،قال صلّى الله عليه وسلّم: [ما سنة بأمطر من أخرى، ولكن إذا عمل قوم بالمعاصي حوّل الله ذلك إلى غيرهم، فإذا عصوا جميعا صرف الله ذلك إلى الفيافي والبحار] (٢).

قوله تعالى: {وَلَوْ شِئْنا لَبَعَثْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيراً} (٥١)؛أي لو شئنا لبعثنا في كلّ قرية نذيرا ينذرهم، ولكن بعثناك يا محمّد إلى القرى رسولا لعظم كرامتك علينا، وليكون كلّ الثواب والكرامة لك خاصّة،

{فَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ؛} فيما يطلبون منك أن تعبد آلهتهم، ومداهنتهم، {وَجاهِدْهُمْ بِهِ؛} أي بالقرآن، {جِهاداً كَبِيراً} (٥٢)؛شديدا.

قوله تعالى: {*وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هذا عَذْبٌ فُراتٌ وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ؛} أي وهو الذي أرسل البحرين في مجاريهما، يقال: مرجت الدّابّة؛ أي أرسلتها في المرج ترعى.

وأراد بقوله {(هذا عَذْبٌ فُراتٌ)} النيل والأنهار العظام، والفرات ما يكون في غاية العذوبة، وأراد بالملح الأجاج الذي يكون ماؤها في غاية المرارة، ويقال: في غاية الحرارة، من قولهم: أجّجت النار إذا وقدتها، وتأجّجت النار إذا توقّدت، ويقال: ماء ملح، ولا يقال: مالح إلاّ لما يلقى فيه الملح.


(١) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (٢٠٠٤٦).وابن أبي حاتم في التفسير: الأثر (١٥٢٤٧).
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (٢٠٠٤٩) موقوفا على ابن مسعود رضي الله عنه. وذكره القرطبي في الجامع لأحكام القرآن: ج ١٣ ص ٥٧؛وقال: (وروي من حديث ابن مسعود عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال ... ) وذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>