قوله تعالى:{وَجَعَلَ بَيْنَهُما بَرْزَخاً وَحِجْراً مَحْجُوراً}(٥٣)؛أي حاجزا يمنع كلّ واحد منهما من تغيير الآخر، وهو ما بين العذب والملح من الأرض. ويقال:
أصل المرج الخلط، ومن ذلك المرج؛ لأنه يكون فيه أخلاط من النبات، ومنه قوله تعالى:{فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ}(١) أي مختلط بالملح والعذب في مرأى العين مختلطان، وفي قدرة الله منفصلان، لا يغيّر أحدهما طعم الآخر. {(بَيْنَهُما بَرْزَخاً)} أي حاجزا من قدرة الله تعالى، {(وَحِجْراً)} أي مانعا يمنع من اختلاطهما، وفساد أحدهما بالآخر، ومعنى قوله تعالى {(وَحِجْراً مَحْجُوراً)} أي حراما محرّما أن يفسد الملح العذب.
قوله تعالى:{وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً؛} أي خلق من النّطفة إنسانا وخلقا كثيرا، فجعل من هؤلاء البشر أنسابا وأصهارا، {وَكانَ رَبُّكَ قَدِيراً}(٥٤)؛على ما أراد.
قوله تعالى:{وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُهُمْ؛} إن عبدوه، {وَلا يَضُرُّهُمْ؛} إن تركوا عبادته، وتركوا عبادة الله الذي خلقهم ورزقهم، {وَكانَ الْكافِرُ عَلى رَبِّهِ ظَهِيراً}(٥٥)؛أي وكان الكافر عونا للشّيطان على ربه بالمعاصي؛ لأنه تابع الشيطان ويعاونه على معصية الله، لأنّ عبادتهم للأصنام معلومة للشّيطان. والظّهير هو المعين. قال المفسّرون: أراد بالكافر أبا جهل.
{قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ؛} أي على القرآن وتبليغ الوحي، قوله تعالى:{إِلاّ مَنْ شاءَ؛} أي لكن من شاء، {أَنْ يَتَّخِذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً}(٥٧)؛إنفاق ماله فعل ذلك، والمعنى: لا أسألكم لنفسي أجرا، ولكن لا أمنع من إنفاق المال في طلب مرضاة الله وجنّته.
قوله تعالى:{وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ؛} أي فوّض أمورك إليه، {وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ؛} أي احمده منزّها عن ما لا يجوز في صفاته، وذلك نحو أن يقول: الحمد لله رب العالمين، والحمد لله حمدا يوافي نعمه ويكافئ مزيده،