للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرادَ شُكُوراً} (٦٢)؛أي يخلف كلّ واحد منهما صاحبه، يذهب أحدهما ويجيء الآخر، فهو عظة لمن اتّعظ، وأراد أن يشكر أنعام الله.

قال أبو عبيدة: (الخلفة كلّ شيء بعد شيء: اللّيل خلفة للنّهار، والنّهار خلفة للّيل؛ لأنّ أحدهما يخلف الآخر ويأتي بعده).وقال مجاهد: (جعل النّهار خلفة من اللّيل لمن نام باللّيل، وجعل اللّيل خلفة لمن اشتغل بالنّهار) (١) فمن فاته العمل باللّيل قضاه بالنّهار، ومن فاته بالنّهار قضاه باللّيل.

قوله تعالى: {وَعِبادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً} (٦٣)؛أي عباده الذين رضيهم وأثنى عليهم هم الذين يمشون على السّكينة والوقار الهوينا، متواضعين من مخافة الله، حلماء عقلاء علماء لا يجهلون وإن جهل عليهم، وإن كلّمهم الكفار والفسّاق بالسّفه والفحش؛ قالوا سداد من القول. وقيل: يقولون في جواب السّفيه: سلام عليكم.

وقال قتادة: (معنى قوله تعالى: {(وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً)؛} أي كانوا لا يجهلون على أهل الجهل).وقال مقاتل: {(قالُوا سَلاماً}؛أي قولا يسلمون فيه من الإثم) (٢).

قال الحسن: (هذه صفة نهارهم إذا انتشروا في النّاس، وليلهم خير ليل كما

قال تعالى: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِياماً} (٦٤)؛أي يصلّون باللّيل طلبا للثواب) (٣).وعن ابن عبّاس قال: (من صلّى بعد العشاء ركعتين أو أكثر فقد بات لله ساجدا أو قائما).

قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنّا عَذابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذابَها كانَ غَراماً} (٦٥)؛لازما دائما. والغرم: اللّزوم، يقال لصاحب الدّين:


(١) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (٢٠٠٨٢).وابن أبي حاتم في التفسير: الأثر (١٥٣٢٨).
(٢) قاله مقاتل في التفسير: ج ٢ ص ٤٤١.
(٣) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (٢٠١٠٢).وابن أبي حاتم في التفسير: الأثر (٢٧٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>