للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عندنا سنينا من عمرك، {(وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ)} أي قتلت القبطيّ {(وَأَنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ)} أي الجاحدين لنعمتي وتربيتي.

{قالَ} موسى: {فَعَلْتُها إِذاً وَأَنَا مِنَ الضّالِّينَ} (٢٠)؛أي فعلت تلك الفعلة وأنا من الجاهلين، لم يأتني من الله شيء، ولا يجوز أن يكون المراد بهذا الإضلال عن الهدى؛ لأن ذلك لا يجوز أن يكون على الأنبياء. وقيل: معناه: وأنا من المخطئين، نظيره {إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ} (١).وقيل: من النّاسين، نظيره قوله تعالى: {أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى} (٢).

قوله تعالى: {فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمّا خِفْتُكُمْ؛} أي هربا منكم إلى مدين لمّا خفتكم على نفسي أن تقتلوني بالذي قتلته، {فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً؛} أي نبوّة، وقيل: فهما وعلما، {وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ} (٢١)؛وإنّي لأبلّغكم التوحيد والشّرائع.

قوله تعالى: {وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّها عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرائِيلَ} (٢٢)؛ قال المفسّرون: هذا إنكار من موسى أن يكون ما ذكر فرعون نعمة على موسى، واللفظ لفظ خبر (٣) وفيه تبكيت للمخاطب على معنى: إنّك لو كنت لم تقتل بني إسرائيل كانت أمّي مستغنية عن قذفي في اليمّ، فكأنّك تمنّ عليّ بما كان بلاؤك سببا له. وقيل: معناه: إنّ فرعون لمّا قال لموسى: ألم نربك فينا وليدا؟ قال له موسى:

تلك نعمة تعدّها عليّ لأنّك عبّدت بني إسرائيل؛ أي استعبدتهم، ولو لم تعبدهم لكفلني أهلي فلم يلقوني في اليمّ. يقال: استعبدت فلانا وأعبدته وتعبّدته وعبّدته؛ أي اتّخذته عبدا.

وقيل: معنى الآية: أتمنّ عليّ بذلك وأنت استعبدت بني إسرائيل، فأبطلت نعمتك عليّ بإساءتك إليهم باستعبادك إيّاهم؟ وبأن أخذت أموالهم وأنفقت على موسى منها؟ وكانت أمّي هي التي تربيني، فأيّ نعمة لك عليّ.


(١) يوسف ٩٥/.
(٢) البقرة ٢٨٢/.
(٣) في المخطوط: (تخيير) وهو غير مناسب، وضبط كما في معاني القرآن وإعرابه للزجاج: ج ٤ ص ٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>