للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال مقاتل: (نزلت هذه الآية في مهجع بن عبد الله مولى عمر بن الخطّاب رضي الله عنه وكان أوّل قتيل من المسلمين يوم بدر، رماه عامر بن الحضرميّ بسهم فقتله، فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: [سيّد الشّهداء مهجع، وهو أوّل من يدعى إلى باب الجنّة من هذه الأمّة] (١) فجزع عليه أبواه وامرأته، فأنزل الله فيهم هذه الآية وأخبر أنّه لا بدّ لهم من البلاء والمشقّة في ذات الله) (٢).

قوله تعالى: {وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ؛} فيه تسلية للمؤمنين، معناه: ولقد امتحنّا الذين من قبلهم، {فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ} (٢)،فليعلمنّ الله الصادق بوقوع صدقه منه بالصّبر على ما يؤمر به، والكاذب بوقوع كذب منه والجزع والمخالفة في القتال الذي يؤمر به، فالله تعالى قد علم الصادق من الكاذب قبل أن يخلقهم، ولكن القصد من الآية قصد وقوع العلم بما يجازى عليه؛ لأنّ علم الشّهادة هو الذي يجب به الجزاء، فأما علم الغيب قبل وقوعه فلا يحلّ به الجزاء.

وقال ابن عبّاس رضي الله عنه: (ولقد فتنّا الّذين من قبلهم منهم إبراهيم الخليل عليه السّلام ابتلي بالنّمرود، ومنهم قوم بعده نشروا بالمناشير على دين الله فلم يرجعوا عنه).وقال بعضهم: يعني بني إسرائيل ابتلوا بفرعون فكان يسومهم سوء العذاب.

قوله: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ أَنْ يَسْبِقُونا ساءَ ما يَحْكُمُونَ} (٤) معناه: أظنّوا {(الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ)} يعني الشّرك، قال ابن عبّاس: (يعني الوليد بن المغيرة وأبا جهل والأسود والعاص بن هشام وغيرهم) (٣).

{(أَنْ يَسْبِقُونا)} أي أن يفوتونا ويعجزونا {(ساءَ ما يَحْكُمُونَ)} أي بئس ما حكموا لأنفسهم حين ظنّوا ذلك.


(١) ذكره الواحدي في أسباب النزول: ص ٢٢٩.والزمخشري في الكشاف: ج ٣ ص ٤٢٥.والبغوي في معالم التنزيل: ص ٩٩١ كلهم عن مقاتل، وهو في تفسير مقاتل: ج ٢ ص ٥١٠.ومهجع بن عبد الله مولى عمر رضي الله عنه؛ كان أول من قتل من المسلمين يوم بدر.
(٢) نقله مقاتل في التفسير: ج ٢ ص ٥١٠.
(٣) ذكره مقاتل في التفسير: ج ٢ ص ٥١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>