للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصّالِحِينَ} (٩) أي في زمرة الأنبياء والأولياء، وقيل: خواصّ أصحاب محمّد صلّى الله عليه وسلّم.

قوله: {وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنّا بِاللهِ فَإِذا أُوذِيَ فِي اللهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النّاسِ كَعَذابِ اللهِ؛} روي أنّ هذه الآية نزلت في عيّاش بن أبي ربيعة، كان أسلم مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وكان يخاف على نفسه من أمّه وأخويه لأمّه وهما أبو جهل والحارث.

فخرج عيّاش بعد ما أعلن إسلامه هاربا إلى المدينة قبل هجرة النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وبلغ أمّه الخبر فجزعت جزعا شديدا، وامتنعت عن الطّعام والشّراب، فخرج أخواه وقومه في طلبه، فأخذوه وقيّدوه، وحلفت أمّه أسماء بنت مخرم بن أبي جندل بالله (١):لا أحلّك من وثاقك حتّى تكفر بمحمّد، ثمّ أقبلت تجلده بالسّياط وتعذّبه حتّى كفر جزعا من الضّرب، فأنزل الله هذه الآية.

قال مقاتل والكلبيّ: (لمّا هاجر عيّاش إلى المدينة خوفا من أمّه وأخويه، حلفت أمّه أسماء بنت مخرم بن أبي جندل ألاّ تأكل ولا تشرب ولا تغسل رأسها ولا تدخل بيتا حتّى يرجع إليها ابنها، فلمّا رأى ابناها أبو جهل والحارث ابنا هشام -وهما أخوا عيّاش لأمّه-جزعها، فركبا في طلبه حتّى أتيا المدينة فلقياه.

فقال له أبو جهل: قد علمت أنّك أحبّ إلى أمّك من جميع أولادها، وكنت بارّا بها، وقد حلفت لا تأكل ولا تشرب ولا تدخل كنّا حتّى ترجع إليها، وأنت تزعم أنّ في دينك برّ الوالدين، فارجع إليها فإنّ ربّك الّذي تعبده بالمدينة هو ربّك بمكّة فاعبده بها. فلم يزالا به حتّى أخذ عليهما المواثيق أن لا يحرّكانه ولا يصرفانه عن دينه، فأعطياه المواثيق فتبعهما، فلمّا خرجوا به من المدينة أخذاه وأوثقاه وضربه كلّ واحد منهما مائة جلدة حتّى تبرّأ من دين محمّد صلّى الله عليه وسلّم جزعا من الضّرب (٢).


(١) ينظر: الاستيعاب في معرفة الأصحاب: ج ١ ص ٣٦٤:الرقم (٤٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>