للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فأبى سعد عليها، وبقيت هي لا تأكل ولا تشرب ولا تستظلّ بشيء، فمكثت يوما وليلة لا تأكل، فأصبحت قد جهدت ثمّ مكثت يوما وليلة أخرى لا تأكل، وقالت: يا سعد لتدعنّ دينك هذه أو لا آكل ولا أشرب حتّى أموت فتعيّر بي، فيقال:

يا قاتل أمّه! فقال سعد: يا أمّاه لو كانت لك مائة نفس فخرجت نفسا نفسا ما تركت ديني هذا لشيء، فإن شئت أن تأكلي، وإن شئت فلا تأكلي. فلمّا رأت ذلك أكلت، فأنزل الله هذه الآية (١).

ومعناها: ووصّينا الإنسان بالبرّ والإحسان إلى والديه وقلنا له: وإن طلبا منك أن تشرك بي ما ليس لك به علم تطعهما، فإنّ طاعتهما في الإشراك والمعصية «لَيْسَ» (٢) من باب الحسن، بل هي قبيحة. قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: [لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق] (٣).

وقوله تعالى: {إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ؛} منقلبكم في الآخرة، {فَأُنَبِّئُكُمْ؛} فأخبركم، {بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} (٨)؛في الدّنيا من الخير والشرّ والبرّ والعقوق.

واختلف النّحاة في نصب قوله {(حُسْناً)فقال البصريّون: بنزع الخافض؛ تقديره: ووصّينا الإنسان بالحسن، كما يقال: وصيّه خيرا؛ أي بخير، وقال الكوفيّون:

ووصّينا الإنسان أن يفعل حسنا، فحذفه لدلالة الكلام عليه. وقيل: هو مثل قوله {فَطَفِقَ مَسْحاً} (٤) أي يمسح مسحا. وقيل: معناه: ألزمناه حسنا. وقرأ أبو رجاء:

«(حسنا)» بفتح الحاء والسين، وفي مصحف أبيّ: «(إحسانا)».


(١) القصة قصة سعد بن مالك، أبو إسحاق الزهري، وأم سعد بن أبي وقاص (جميلة).ولكلا السعدين قصة مع أمه، فيها نزلت هذه الآية كما في أسباب النزول للواحدي: ص ٢٢٩ - ٢٣٠.
(٢) سقطت من المخطوط، والضرورة تقتضي وجودها.
(٣) أخرجه الطبراني في الكبير: ج ١٨ ص ١٥٣٥:الحديث (٤٣٧).وفي الأوسط: ج ٢ ص ٢٠٩: الحديث (١٣٧٤).وفي مجمع الزوائد: ج ٥ ص ٢٢٦؛قال الهيثمي: (رواه أحمد والطبراني باختصار، ورجال أحمد رجال الصحيح).
(٤) ص ٣٣/.

<<  <  ج: ص:  >  >>