للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ؛} أي ما أنتم يا أهل مكّة بفائتين من عذاب الله هربا، ولا في السّماء، فلا تغترّوا لطول الإمهال.

ولا يجوز أن يكون معناه: ولا من في السّماء بمعجزين؛ أي ما أنتم يا كفار مكّة بفائتي الله في الأرض (١) كنتم أو في السّماء كنتم، أينما تكونوا يأت بكم الله فيجزيكم بأعمالكم السيّئة، {وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ؛} يتولّى أمركم وحفظكم، {وَلا نَصِيرٍ} (٢٢)؛يمنع العذاب عنكم.

قوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ وَلِقائِهِ؛} أي الذين يجحدوا بآيات الله والقرآن والبعث بعد الموت، {أُولئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي؛} أي من جنّتي في الآخرة باعتقادهم أنّها لا يقع بهم، {وَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ} (٢٣).

قوله تعالى: {فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلاّ أَنْ قالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ؛} أي ما كان جواب قوم إبراهيم حيث دعاهم إلى الله، إلاّ أن قالوا: اقتلوه أو حرّقوه بالنار، ثم «اتفقوا على تحريقه» (٢) فقذفوه في النار، {فَأَنْجاهُ اللهُ مِنَ النّارِ؛} سالما، وجعلها عليه بردا وسلاما ولم تحرق منه إلاّ وثاقه، {إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} (٢٤) بالله ورسله.

قوله تعالى: {وَقالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ أَوْثاناً؛} أي قال إبراهيم: إنّ ما عبدتم من دون الله أوثانا هي مودّة بينكم، أو تلك مودّة بينكم، والمعنى: أي ألفتكم واجتماعكم على الأصنام {مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً وَمَأْواكُمُ النّارُ وَما}


(١) في معالم التنزيل: ص ٩٩٤؛ قال البغوي: (قال قطرب: معناه: ما أنتم بمعجزين في الأرض ولا في السماء لو كنتم فيها، كقول الرجل للرجل: لا يفوتني فلان هاهنا ولا بالبصرة ولو كان بها).
(٢) ما بين «» ليس في المخطوط، وأضفناه لضرورة السياق، ينظر: الجامع لأحكام القرآن: ج ١٣ ص ٣٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>