للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{لَكُمْ مِنْ ناصِرِينَ} (٢٥)؛ثم تنقطع عن قريب، وتنقلب تلك المودّة عداوة بعد الموت، يتبرّأ بعضكم من بعض، ويلعن العابد المعبود، لذلك يلعن العابدون بعضهم بعضا، ويكون مصيرهم في الآخرة النار، وما لكم من مانع يمنعكم من عذاب الله.

ويجوز أن تكون (ما) في قوله تعالى {(إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ)} بمعنى (الذي) كأنه قال: إنّ الذي اتّخذتموه من دون الله أوثانا مودّة بينكم ما دمتم في الحياة الدّنيا، فيكون {(مَوَدَّةَ)} رفعا لأنّها خبر (إنّ)،وقرأ حمزة وحفص {(مَوَدَّةَ)} بالنصب {(بَيْنِكُمْ)} بالخفض على الإضافة؛ بوقوع الاتّحاد عليه، وجعل {(إِنَّمَا)} حرفا واحدا، وقرأ الباقون نصبا منوّنا «(بينكم)» بالنصب على أنه مفعول أيضا، ومعناه: اتّخذتم هذه الأوثان مودّة بينكم تتوادّون وتحابّون على عبادتها وتتواصلون عليها.

قوله تعالى: {*فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ؛} أي صدّق لوط بإبراهيم، وهو أوّل من صدّق به، {وَقالَ؛} إبراهيم: {إِنِّي مُهاجِرٌ إِلى رَبِّي؛} أي إلى الموضع الذي أمرني ربي بالهجرة إليه، وكان مأمورا بالهجرة من كوثى وهو سواد العراق إلى الشّام.

وقيل: إن كوثى من سواد الكوفة، فهاجر إبراهيم ومعه لوط وهو ابن أخيه ومعه سارة. قال مقاتل: (هاجر إبراهيم وهو ابن خمس وسبعين سنة) (١).وقوله تعالى: {إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (٢٦)؛أي المنتقم ممّن عصاه، الحكيم فيما حكم علينا من الهجرة.

قوله تعالى: {وَوَهَبْنا لَهُ؛} أي لإبراهيم، {إِسْحاقَ؛} من امرأته سارة، {وَيَعْقُوبَ؛} ابن ابنه، وقوله تعالى: {وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ؛} وذلك أنّ الله لم يبعث نبيّا من بعد إبراهيم إلاّ من صلبه، وقوله تعالى {(وَالْكِتابَ)} أي وجعلنا التّوراة والإنجيل والقرآن في ولده.


(١) ذكره مقاتل في التفسير: ج ٢ ص ٥١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>