للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {وَآتَيْناهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيا؛} أراد به الثّناء الحسن، وموالاة جميع الأمم إيّاه؛ لأن جميع أهل الأديان يحبّونه. وقال السديّ: (إنّه أري مكانه في الجنّة) ثمّ أعلمه الله أنّ له مع ما أعطاه في الدّنيا الدّرجات العلى لقوله: {وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصّالِحِينَ} (٢٧)؛أي إنه في الآخرة مع آبائه المرسلين في الجنّة مثل آدم ونوح.

قوله تعالى: {وَلُوطاً؛} أي وأرسلنا لوطا بالنبوّة، {إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ (٢٨) أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ؛} يعني عملهم الخبيث الذي لم يكن يعمله أحد قبلهم.

وقوله تعالى: {وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ؛} وذلك أنّهم كانوا يفعلون الفاحشة بمن يمرّ بهم من المسافرين، فلما فعلوا ذلك شاع الخبر، فترك الناس المرور بهم وانقطع السبيل.

وقوله تعالى: {وَتَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ الْمُنْكَرَ؛} النادي المجلس والمتحدّث؛ أي تأتون في مجالسكم الفسق، قيل: إنّهم كانوا يفعل بعضهم ببعض الفاحشة في المجالس. وقيل: إنّهم كانوا يصفّقون بأيديهم ويصفّرون بأفواههم، وقال القاسم بن محمّد: (هو أنّهم كانوا يتضارطون في مجالسهم) (١) ويضربون بالعود والمزامير (ويلعبون بالحمام) (٢).وقيل: في معنى قوله تعالى {(وَتَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ الْمُنْكَرَ)} قال مجاهد: (كان يجامع بعضهم بعضا في المجالس) (٣).

وسئل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن المنكر الّذي كانوا يأتونه قوم لوط، فقال: [كانوا يجلسون وعند كلّ واحد منهم قصعة حصى، فإذا مرّ بهم عابر سبيل خذفوه، فأيّهم


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في التفسير الكبير: الأثر (١٧٢٧٣).ونقله الطبري في جامع البيان: الأثر (٢١١٢٦) بإسناده عن عائشة رضي الله عنها.
(٢) من قول مجاهد؛ أخرجه ابن أبي حاتم في التفسير الكبير: الأثر (١٧٢٧٥).
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم في التفسير الكبير: الأثر (١٧٢٧٤).والطبري في جامع البيان: الآثار (٢١١٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>