ويسقينا؟ فأنزل الله هذه الآية {(وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللهُ يَرْزُقُها وَإِيّاكُمْ)} (١) يوما بيوم؛ أي يرزق من يحمل ومن لا يحمل، فكم من دابّة لا تجمع رزقها لغد، ولا يقدر على حمل رزقها لضعفها، الله يرزقها وإيّاكم، {وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}(٦٠)؛ أي السّميع لأقوالهم: نخشى إن فارقنا أوطاننا العيلة، العليم بما في قلوبهم ونفوسهم، فلا يتركوا عبادة الله بسبب الرّزق، ولا يهتمّوا لأجل ذلك.
قوله تعالى:{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ؛} يعني لئن سألت مشركي مكّة: من خلق السّماوات، {وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللهُ فَأَنّى يُؤْفَكُونَ}(٦١)؛أي يصرفون عن عبادة الله الذي هذه صفته إلى عبادة جمادات لا تنفع ولا تضرّ.
قوله تعالى:{اللهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ؛} أي يبسط الرّزق على قوم، ويضيّق على قوم، يفعل ذلك عن علم وحكمة، لا عن غلط وخطأ، {إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}(٦٢).
قوله تعالى:{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِها لَيَقُولُنَّ اللهُ؛} يعني كفّار مكّة أيضا، {قُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ؛} أي الحمد لله على إقرارهم؛ لأن ذلك يلزمهم الحجّة، ويوجب عليهم التوحيد.
وقيل: معناه: الحمد لله على هذه النّعم، وعلى ما تفضّل به جلّ ذكره من الإنعام على العباد، {بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ}(٦٣)؛بتوحيد ربهم مع إقرارهم بأنه خلق السّماوات والأرض وأنزل المطر.
قوله تعالى:{وَما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا إِلاّ لَهْوٌ وَلَعِبٌ} أي باطل وغرور وعبث تنقضي عن قريب بسرعة، {وَإِنَّ الدّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ؛} يعني الجنّة هي الحيوان؛ أي الحياة والدّوام والبقاء الذي لا نفاد له، والحيوان والحياة واحد. وقوله تعالى:{لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ}(٦٤)؛أي لو كانوا يعلمون
(١) ذكره القرطبي في الجامع لأحكام القرآن: ج ١٣ ص ٣٦٠.