للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إخواننا من أهل فارس على إخوانكم من أهل الرّوم، وإنّكم إن قاتلتمونا لنظهرنّ عليكم، فأنزل الله عزّ وجلّ هذه الآيات {(الم، غُلِبَتِ الرُّومُ، فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ. فِي بِضْعِ سِنِينَ)} (١).

فخرج أبو بكر رضي الله عنه إلى الكفّار وقال: (أفرحتم بظهور إخوانكم على إخواننا؟! فلا تفرحوا ولا يقرّ الله أعينكم، فو الله ليظهرنّ الرّوم على فارس، أخبرنا بذلك نبيّنا) فقام إليه أبيّ بن خلف الجمحيّ وقال له: كذبت! فقال له أبو بكر: أنت أكذب يا عدوّ الله) فقال أبيّ بن خلف: كما غلبت عبدة النّيران أهل الكتاب، فكذلك نحن نغلبكم) واستبعد المشركون ظهور الرّوم على فارس لشدّة شوكة أهل فارس.

فقال أبو بكر لأبيّ بن خلف: (أنا أراهنك على أنّ الرّوم تغلب إلى ثلاث سنين) فراهنه أبيّ على خمس من الإبل، وقيل: على عشر من الإبل، (فإن ظهرت الرّوم على فارس غرمت، وإن ظهرت فارس غرمت أنا) ثمّ جاء أبو بكر إلى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فأخبره بذلك، فقال صلّى الله عليه وسلّم: [زد في الخطر (٢) وأبعد في الأجل] ففعل ذلك، وجعل الأجل تسع سنين، وكان ذلك قبل تحريم القمار.

روي أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال لأبي بكر: [إنّما البضع ما بين الثّلاث إلى التّسع].

قرأ: [زده في الخطر ومادّه في الأجل] فخرج أبو بكر فلقي أبيّا فقال: لعلّك ندمت! فقال: أزيدك في الخطر وأمادّك في الأجل، فاجعلها مائة قلوص إلى تسع سنين، قال: قد أخاف فعلت.

فلمّا خشي أبيّ بن خلف أن يخرج أبو بكر من مكّة، أتاه فلزمه وقال أبيّ: إن تخرج من مكّة فأقرّ لي كفيلا، فكفل له ابنه عبد الله بن أبي بكر، فلمّا أراد أبيّ بن خلف أن يخرج إلى أحد، أتاه عبد الله بن أبي بكر فلزمه وقال: لا والله لا أدعك حتّى تعطيني كفيلا، فأعطاه كفيلا ومضى إلى أحد، ثمّ رجع فمات بمكّة من جراحته


(١) ذكره الواحدي في أسباب النزول: ص ٢٣١ - ٢٣٢.
(٢) الخطر: الرّهان والعوض.

<<  <  ج: ص:  >  >>