للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الّتي جرحه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حين بارزه، وظهرت الرّوم على فارس يوم الحديبية وذلك على رأس تسع سنين من مراهنتهم، وهذا قول أكثر المفسّرين (١).

وقال أبو سعيد الخدريّ ومقاتل: (لمّا كان يوم بدر قتلت المسلمون كفّار مكّة، وأتاهم الخبر أنّ الرّوم قد غلبت فارس، ففرح المسلمون بذلك، وغلب أبو بكر رضي الله عنه أبيّا وأخذ مال الخطر من ورثته، وجاء به إلى النّبي صلّى الله عليه وسلّم فقال له النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم:

[تصدّق به] (٢).

ومعنى الآية: {(غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ)} يعني الجزيرة؛ وهي أقرب أرض الرّوم إلى فارس، وقال عكرمة: (يعني أدرعات وكسكر).وقوله {(وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ)} يعني الروم من بعد غلبة فارس إيّاهم سيغلبون فارس

{فِي بِضْعِ سِنِينَ؛} وهو ما بين الثلاث إلى العشر، فالتقى الروم وفارس في السّنة السابعة من غلبة فارس إيّاهم، فغلبتهم الروم، فجاء جبريل إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بهزيمة فارس وظهور الرّوم عليهم، ووافق ذلك يوم بدر.

قوله تعالى: {لِلّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ؛} أي قبل أن غلبت الروم ومن بعد ما غلبت، يعني أنّ غلبة أحد الفريقين الآخر، أيّهما كان الغالب والمغلوب؛ فإنّ ذلك كان بأمر الله تعالى وإرادته وقضائه وقدره.

وقوله تعالى: {وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ} (٤)؛يعني بغلب الروم فارس، يفرح المؤمنون،

{بِنَصْرِ اللهِ؛} الروم على فارس، ويكون فرح المؤمنين يومئذ لظهور معجزة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وإهلاك بعض الكفّار بعضا كما يفرح الصّالحون بقتل الظّالمين بعضهم بعضا.


(١) ينظر: جامع البيان: الأثر (٢١٢٢٩ و ٢١٢٢٣).وتفسير مقاتل: ج ٣ ص ٣ - ٥.
(٢) حديث أبي سعيد أخرجه الطبري في جامع البيان: الحديث (٢١٢٣٣).وذكره مقاتل في التفسير: ج ٣ ص ٦ بلفظ: [هذا سحت، تصدّق به].وأخرجه ابن أبي حاتم في التفسير الكبير: الحديث (١٧٤٥٨) عن البراء بن عازب رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>