للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأنتم عبيدي وأنا مالكهم جميعا، فكما لا يجوز استواء المملوك مع سيّده، كذلك لا يجوز استواء المخلوق مع خالقه.

قوله تعالى: {بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْواءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ؛} أي ليس لهم في الإشراك شبهة من حيث الحجة، ولكنّهم يشركون بالله بناء على الجهل وهوى النفس، {فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللهُ؛} أي لا هادي لمن أضلّه الله، {وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ} (٢٩)؛أي ما لهم من مانعين من عذاب الله.

قوله تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً؛} أي فأقم يا محمّد على دين الإسلام، وقوله {(حَنِيفاً)} أي مائلا عن كلّ دين إلاّ الإسلام، وقوله تعالى: {فِطْرَتَ اللهِ؛} أي اتّبع دين الله، والفطرة: الملّة؛ وهي الإسلام والتوحيد، {الَّتِي فَطَرَ النّاسَ عَلَيْها؛} أي خلق الله المؤمنين عليها، وقد ورد في الحديث: [كلّ مولود يولد على الفطرة] إلى آخر الحديث (١).

وانتصب قوله {(فِطْرَتَ اللهِ)} على الإغراء، وقيل: على معنى: اتّبع فطرة الله.

وقوله تعالى: {لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ؛} أي لا تغيير لدين الله الذي أمر الناس بالثّبات عليه، وهو نفي معناه النهي؛ أي لا تبدّلوا دين الله الذي هو التوحيد بالشّرك. وقوله تعالى: {ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ} يعني التوحيد هو الدين المستقيم، {وَلكِنَّ أَكْثَرَ النّاسِ؛} يعني كفّار مكّة، {لا يَعْلَمُونَ} (٣٠)؛ توحيد الله ودين الإسلام هو الحقّ.

قوله تعالى: {*مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ؛} أي أقيموا وجوهكم راجعين إلى الله في كلّ ما أمركم به، لا تخرجون عن شيء من أوامره، وهذا لأنّ الخطاب في أوّل هذه الآيات للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم بقوله {(فَأَقِمْ وَجْهَكَ)}،والمراد به أمته، كما في قوله {يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ} (٢) فكأنّه قال: أقيموا وجوهكم منيبين؛ أي راجعين إلى أوامره، وقوله تعالى {(وَاتَّقُوهُ)} أي اتّقوا مخالفته، {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَلا تَكُونُوا مِنَ}


(١) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير: ج ١ ص ٢٨٤:الحديث (٨٢٦ - ٨٣٥) بأسانيد وألفاظ.
(٢) الطلاق ١/.

<<  <  ج: ص:  >  >>