للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكان من حديث الخندق: أنّ نفرا من اليهود منهم حييّ بن أخطب وكنانة بن الرّبيع وهوذة بن قيس وأبو عمارة الوائليّ، وجماعة من بني النّضير خرجوا حتّى قدموا على قريش فدعوهم إلى حرب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأجابوهم فاجتمعوا مع قريش.

فسارت وقائدها عيينة بن حصين الفزاريّ، وسارت بنو مرّة وقائدها الحارث بن عوف، وسارت بنو أشجع وقائدها مسعر بن رخيلة الأشجعيّ، وسارت قريش وقائدها أبو سفيان.

فلمّا سمع بهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ضرب الخندق على المدينة، وكان الّذي أشار بالخندق على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سلمان، فقال: يا رسول الله، إنّا كنّا بفارس إذا حوصرنا خندقنا. فحفره رسول الله صلّى الله عليه وسلّم والمسلمون حتّى أحكموه.

فلمّا فرغ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من حفر الخندق، أقبلت قريش حتّى نزلت بمجمع الأسيال من رومة (١)،فخرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم والمسلمون وهم ثلاثة آلاف من المسلمين، فكان الخندق بينهم وبين المشركين، وعظم عند ذلك البلاء واشتدّ الخوف، وأتاهم العدوّ من فوقهم ومن أسفل منهم، حتّى ظنّ المؤمنون كلّ ظنّ، وظهر النّفاق في المنافقين، حتّى قال معتب بن بشير المنافق: كان محمّد وعدنا أن نأكل كنوز كسرى وقيصر، فأحدنا لا يقدر أن يذهب إلى الغائط، ما وعدنا الله ورسوله إلاّ غرورا (٢).فذلك قوله تعالى: {وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا} (١٠).

فأقام النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وأقام الكفّار معه بضعا وعشرين ليلة قريبا من شهر، ولم يكن بين القوم إلاّ الرّمي بالنّبل والحصى والحصار (٣).


(١) اضطربت العبارة في المخطوط: (وأقبلت قريش حتى أقبلت بالمدينة).وضبطت كما في السيرة النبوية: ج ٣ ص ٢٣٠.
(٢) اختصر الطبراني قصة الخندق من السيرة النبوية لابن هشام: ج ٣ ص ٢٢٤ - ٢٣٣.وينظر: الروض الأنف في تفسير السيرة النبوية بن هشام: ج ٣ ص ٤١٦ - ٤٢٥.
(٣) الحصار: (حصره) ضيّق عليه وأحاط به، وكلّ من امتنع عن شيء فقد حصر عنه، وأحصره حبسه. ينظر: مختار الصحاح: ص ١٣٩: (حصر)

<<  <  ج: ص:  >  >>