للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنّهم قالوا: [السّابقون يدخلون الجنّة بغير حساب، والمقتصدون يحاسبون حسابا يسيرا ثمّ يدخلون الجنّة، والظّالمون يحاسبون ما شاء الله أن يحاسبوا، ثمّ يرحمهم الله تعالى فيدخلهم الجنّة، وهم الّذين يقولون: الحمد لله الّذي أذهب عنّا الحزن ... ] إلى آخر الآيتين (١).

وعن الحسن أنه قال: (السّابق الّذي ترك الدّنيا، والمقتصد الّذي أخذ الحلال، والظّالم الّذي لا يبالي من أين أخذ).ويقال: الظالم صاحب الكبائر، والمقتصد صاحب الصّغائر، والسّابق الذي اتقى سيئاته.

فإن قيل ما الحكمة في تقديم الظالم وتأخير السابق؟ قيل: الواو لا توجب الترتيب كما قال تعالى {فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ} (٢).وقيل: قدّم الظالم لئلاّ ييأس من رحمته، وأخّر السابق لئلا يعجب بنفسه. وقيل: قدّم الظالم فإذا لم يكن له شيء يتّكل عليه إلاّ رحمة الله تعالى، وثنّى بالمقتصد لحسن ظنّه بربه. وقيل: لأنه بين الخوف والرّجاء، وأخّر السابق لأنه اتّكل على حسناته. وقيل: لئلا يأمن أحد مكره، وكلّهم في الجنّة بحرمة كلمة الإخلاص.

وعن عقبة بن صهبان قال: (سألت عائشة عن قوله: {(فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ)} فقالت: يا بنيّ كلّهم في الجنّة، وأمّا السّابق فمن مضى على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم شهد له النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بالجنّة، وأمّا المقتصد فمن تبع أثره من أصحابه حتّى لحق به، وأمّا الظّالم فمثلي ومثلك) (٣).وقال سهل بن عبد الله: (السّابق العالم، والمقتصد المتعلّم، والظّالم الجاهل) (٤).


(١) أخرجه الطبري في جامع البيان: الحديث (٢٢١٧٥).وابن أبي حاتم في التفسير الكبير: ج ١٠ ص ٣١٨٢.وفي مجمع الزوائد: ج ٧ ص ٩٧؛قال الهيثمي: (رواه أحمد بأسانيد رجال أحدها رجال الصحيح ... ورواه الطبراني باختصار).
(٢) التغابن ٢/.
(٣) رواه الطبراني في الأوسط: ج ٧:الحديث (٦٠٩٠).والحاكم في المستدرك: كتاب التفسير: الحديث (٣٦٤٦).
(٤) نقله أيضا البغوي في معالم التنزيل: ص ١٠٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>