للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقيل: السابق الذي اشتغل بمعاده، والمقتصد بمعاده ومعاشه، والظالم الذي اشتغل بمعاشه عن معاده. وقيل: الظالم طالب الدّنيا، والمقتصد طالب العقبى، والسابق طالب المولى. وقيل: الظالم المرائي في جميع أفعاله، والمقتصد المرائي في بعض أفعاله دون بعض، والسابق المخلص في أفعاله كلّها. وقيل: الظالم من كان ظاهره خيرا من باطنه، والمقتصد من استوى ظاهره وباطنه، والسابق الذي باطنه خير من ظاهره. وقيل: الظالم الذي يجزع عند البلاء، والمقتصد الذي يصبر عند البلاء، والسابق الذي يتلذذ بالبلاء!

وقيل: الظالم الذي يعبد الله خوفا من النار، والمقتصد الذي يعبده طمعا في الجنّة، والسابق الذي يعبده لا لسبب من الأسباب إلاّ لرحمته الكريم! وقيل: الظالم الذي يعبد الله على الغفلة، والمقتصد الذي يعبده على الرّغبة، والسابق الذي يعبده على الهيبة. وقيل: الظالم الذي أعطي فمنع، والمقتصد الذي أعطي فبذل، والسابق الذي أعطي فشكر.

وقيل: الظالم غافل، والمقتصد طالب، والسابق واصل. وقيل: الظالم من استغنى بماله، والمقتصد من استغنى بدينه، والسابق من استغنى بربه. وقيل: السابق الذي يدخل المسجد قبل الأذان، والمقتصد الذي يدخل وقت الأذان، والظالم الذي يدخل وقت أقيمت الصلاة! وقيل: الظالم الذي يحبّ نفسه، والمقتصد الذي يحب دينه، والسابق الذي يحبّ ربّه. وقيل: الظالم مدعوّ، والمقتصد مأذون له، والسابق مقرّب.

قوله تعالى: {جَنّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها؛} يعني الأصناف الثلاثة: الظالم؛ والمقتصد؛ والسابق. ومعنى الآية: {(جَنّاتُ عَدْنٍ)} أي بساتين إقامة لا تزول، {يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ؛} أي يلبسون أقلبة من ذهب وسوار القلب (١).

وقوله تعالى: {وَلُؤْلُؤاً وَلِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ} (٣٣)؛من قرأ بالكسر فالمعنى من ذهب ومن لؤلؤ، ومن قرأ بالنصب فمعناه: ويحلّون لؤلؤا.


(١) القلب من السّوار: ما كان قلبا واحد؛ ما كان قلدا واحدا، أي ما كان مفتولا من طاق واحد لا من طاقين. مختار الصحاح: ص ٥٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>