للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ} (٥)؛أي هو تنزيل العزيز في ملكه، الرحيم بخلقه، قال مقاتل: (معناه: هذا القرآن الحكيم تنزيل العزيز الرّحيم) (١).

وقول ابن عامر وأهل الكوفة {(تَنْزِيلَ)} بالنصب على المصدر، كأنّه قال: ونزّل تنزيلا.

وقوله تعالى: {لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أُنْذِرَ آباؤُهُمْ؛} متّصل بقوله {(إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ)} {لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أُنْذِرَ آباؤُهُمْ}؛أي لتنذر قوما لم يأتهم نذير قبلك (٢)؛لأنّهم كانوا في الفترة وهو معنى قوله: {فَهُمْ غافِلُونَ} (٦)؛أي عن حجج التّوحيد وأدلّة البعث، وقيل: {(فَهُمْ غافِلُونَ)} عن أمر الآخرة.

قوله تعالى: {لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ} (٧)؛أي لقد حقّت كلمة العذاب على أهل مكّة لكثرة كفرهم (٣) فهم لا يصدّقون، وهذا إخبار عن علم الله فيهم أنّهم لا يؤمنون، فقتلوا يوم بدر على الكفر.

وقوله تعالى: {إِنّا جَعَلْنا فِي أَعْناقِهِمْ أَغْلالاً؛} أي في أعناقهم وأيمانهم أغلالا، ولم يذكر الأيمان في الآية لأنّ الكلام دليل عليه؛ لأن الغلّة لا يكون في العنق دون اليد، ولا في اليد دون العنق، وإنما تغلّ الأيدي إلى الأعناق. وقوله تعالى:

{فَهِيَ إِلَى الْأَذْقانِ؛} كناية عن الأيدي دون الأغلال، وقوله تعالى: {فَهُمْ مُقْمَحُونَ} (٨)؛أي رافعوا رءوسهم، والمقمح: الرافع رأسه الغاضّ بصره.

واختلفوا فيمن نزلت هذه الآية، فروي عن ابن عبّاس: (أنّ الآية نزلت في قوم من الكفّار فيهم أبو جهل، تواطئوا على أن يقتلوا النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم إذا رأوه يصلّي، وحلف أبو جهل أنّه إذا رآه يصلّي ليدمغنّه بالحجر، فأتوه يوما وهو يصلّي، فجاءه أبو جهل ومعه الحجر، فرفع الحجر ليدمغنّ به النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فيبست يده إلى عنقه


(١) قاله مقاتل في التفسير: ج ٣ ص ٨١.
(٢) في إعراب القرآن: ج ٣ ص ٢٥٩؛ قال النحاس: (قَوْماً لا موضع لها من الإعراب عند أكثر أهل التفسير؛ لأنها نافية) ورجح هذا الوجه الزجاج كما في معاني القرآن وإعرابه: ج ٤ ص ٢١٠.
(٣) في المخطوط: (لكثرة بكفرهم).

<<  <  ج: ص:  >  >>