للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {وَإِنْ كُلٌّ لَمّا جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ} (٣٢)؛أي وما كلّ منهم إلاّ لدينا محضرون في أرض المحشر للحساب والجزاء، هذا على قراءة من قرأ «(لمّا جميعا)» بالتشديد، وهي قراءة ابن عامر وعاصم وحمزة، وأما على قراءة من قرأ بالتخفيف فإن (ما) صلة مؤكّدة، فإن {(إِنْ)} للإثبات كأنه قال: وإن كلّ لجميع لدينا محضرون (١).

ثم وعظ الله كفار مكّة ليعتبروا فقال تعالى: {وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْناها؛} أي وعلامة لهم تدلّهم على التوحيد والبعث، الأرض الميتة اليابسة التي لا نبات فيها ولا شجر {(أَحْيَيْناها)} بإخراج الأشجار والزّروع، {وَأَخْرَجْنا مِنْها حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ} (٣٣)،ما يقتات من الحبوب جمع الحب،

{وَجَعَلْنا فِيها جَنّاتٍ؛} أي في الأرض بساتين، {مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ وَفَجَّرْنا فِيها مِنَ الْعُيُونِ} (٣٤)؛أي من عيون الماء.

وقوله تعالى: {لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ؛} أي من ثمر النخيل والأعناب على اختلاف طعومها وألوانها، فيستدلّوا بذلك على قدرة الله تعالى. قرأ الأعمش «(ثمره)» بضمّ الثاء وسكون الميم، وقرأ طلحة ويحيى وحمزة والكسائي وخلف «(ثمره)» بضمّ الثاء والميم، وقرأ الباقون بفتحهما (٢).

قوله تعالى: {وَما عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ؛} أي وما عملت أيديهم شيئا مما ذكرناه، وإنما هو من فعلنا، {أَفَلا يَشْكُرُونَ} (٣٥)؛نعم الله، ويجوز أن يكون معناه: ليأكلوا من ثمره ومن ثمر ما عملت أيديهم، يعني الغروس والحرث.

قرأ أهل الكوفة «(وما عملت)» بغير هاء، ويجوز في {(ما)} ثلاثة أوجه: النفي بمعنى ولم تعمل أيديهم؛ أي وجدوها معمولة فلا صنع لهم فيها، وهذا قول الضّحاك ومقاتل (٣).والثاني: أن يكون بمعنى المصدر؛ أي ومن عمل أيديهم. والثالث: بمعنى


(١) ينظر: معاني القرآن للفراء: ج ٢ ص ٣٧٥.وإعراب القرآن للنحاس: ج ٣ ص ٢٦٥.
(٢) ينظر: إعراب القرآن للنحاس: ج ٣ ص ٢٦٦.
(٣) قاله مقاتل في التفسير: ج ٣ ص ٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>