للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(الّذي) أي ومن الذي عملت أيديهم من الغرس والحرث. ومن قرأ {(عَمِلَتْهُ)} بالهاء، فالهاء عائدة على {(ما)} التي بمعنى الذي.

قوله تعالى: {سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها مِمّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمّا لا يَعْلَمُونَ} (٣٦)؛أي سبحان الذي خلق الأصناف كلّها من أجناس الفواكه والحبوب، وأصناف ما تنبت الأرض من الحلو والحامض والأبيض والأحمر وغير ذلك من الطّعوم والألوان. وقوله تعالى: {(وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ)} أي وخلق من أنفسهم الذّكران والإناث. وقوله تعالى: {(وَمِمّا لا يَعْلَمُونَ)} أي وخلق في البرّ والبحر وأجواف السّماوات والأرض من جميع الأنواع والأشياء.

قوله تعالى: {وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ} (٣٧)؛ أي وعلامة لهم أخرى تدلّ على قدرتنا، الليل المظلم ينزع منه النهار فإذا هم داخلون في الظّلام، وذلك أنّ الأصل هو الظّلمة، والنهار داخل عليها لأنّ الله خلق الدّنيا مظلمة، فإذا طلعت الشمس صارت الدّنيا مضيئة تشبه ضوء النهار باللّباس، فإذا ذهب الضوء بغروب الشمس كان ذهاب ذلك بمنزلة سلخ جلد الشّاة عن الشاة، وسلخ الثوب الرجل عن الرجل، والمعنى: إذا غربت الشمس سلخ النهار من الليل أن كشفها فأزيل فتظهر الظّلمة.

قوله تعالى: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها؛} معناه: وآية لهم {(الشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها)} أي إلى مستقرّ لها وهو آخر مدّة الدنيا ثم تجري بعدها، ويقال: مستقرّها منازلها إذا انتهت الى أقصى منازلها التي لا تجاوزها في الصيف رجعت، ويقال: سمعت منازلها مستقرّها، كما يقال في منزل الرجل: هو مستقرّه، وإن تصرّف فيه وتحرّك.

وعن أبي ذرّ قال: سألت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن قوله تعالى {(وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها)} قال: [مستقرّها تحت العرش] (١).قوله تعالى: {ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ}


(١) رواه البخاري في الصحيح: كتاب بدء الخلق: الحديث (٣١٩٩).ومسلم في الصحيح: كتاب الإيمان: الحديث (١٢٩/ ٢٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>