للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من الكفّار الذين تجرّءوا على الأنبياء عليهم السّلام (١).

قوله تعالى: {كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ،} أي كذبت قبل قومك قوم نوح، {وَعادٌ،} هودا، وكذب، {وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتادِ} (١٢)،وموسى عليه السّلام،

{وَثَمُودُ،} صالحا، {وَقَوْمُ لُوطٍ،} لوطا، {وَأَصْحابُ الْأَيْكَةِ؛} شعيبا، كذب هؤلاء أنبياءهم فحلّ بهم عذاب الاستئصال، وكذلك {أُولئِكَ؛} أي أولئك، {الْأَحْزابُ} (١٣)،والأحزاب الجماعة الكثيرة القويّة،

{إِنْ كُلٌّ إِلاّ كَذَّبَ الرُّسُلَ،} كلّهم كذبوا الرّسل رسلهم، {فَحَقَّ عِقابِ} (١٤)، فحقّ عليهم عقابي وعذابي، وكذلك يحقّ على قومك.

وسمّي فرعون ذو الأوتاد؛ لأنه كان يمدّ بين الأوتاد فيرسل عليهم الحيّات والعقارب. وقيل: إنه كان إذا غضب على الإنسان واتد يديه ورجليه ورأسه على الأرض، قال عطيّة: ({ذُو الْأَوْتادِ}؛أي ذو الجنود والجموع الكثيرة) (٢) يعني أنّهم كانوا يقوّون أمره ويشددون ملكه كما يقوّي الوتد الشيء. وقيل: الأوتاد الأبنية المشيدة، سمّيت بذلك لارتفاعها كما سميت الجبال أوتادا.

قوله تعالى: {وَما يَنْظُرُ هؤُلاءِ إِلاّ صَيْحَةً واحِدَةً؛} أي ما ينظر أهل مكّة لوقوع العذاب بهم إلاّ صيحة واحدة وهي نفخة البعث، وذلك أنّ العقوبة في قوم النبيّ صلّى الله عليه وسلّم مؤخّرة إلى يوم البعث، وعقوبة الأمم الماضية كانت معجّلة في الدّنيا ومؤجّلة في الآخرة، ألا ترى أنّ الله تعالى ذكر عقوبة الاستئصال في الدّنيا من الأمم الماضية، وقال في هذه الأمّة {بَلِ السّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ} (٣).

قوله تعالى: {ما لَها مِنْ فَواقٍ} (١٥)؛أي ما لتلك الصّيحة من رجعة إلى الدّنيا، والفواق بضمّ الفاء وفتحها بمعنى واحد وهو رجوع، ومن ذلك قولهم:

أفاق فلان من الجنون ومن المرض؛ إذا رجع إلى الصحّة. والفواق بضمّ الفاء ما بين


(١) ينظر: معاني القرآن للفراء: ج ٢ ص ٣٩٩.وإعراب القرآن للنحاس: ج ٣ ص ٣٠٦.
(٢) ذكره أيضا البغوي في معالم التنزيل: ص ١١٠٦.
(٣) القمر ٤٦/.

<<  <  ج: ص:  >  >>