للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {إِنَّما يُوَفَّى الصّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ} (١٠)؛معناه:

إنما يوفّى الصّابرون على دينهم فلا يتركونه بمشقّة تلحقهم. وهذه الآية نزلت في جعفر بن أبي طالب وأصحابه حين لم يتركوا دينهم، ولمّا اشتدّ عليهم الأمر صبروا وهاجروا (١)،والمعنى: يعطون أجرهم كاملا على صبرهم على البلاء، وهجران أهلهم وأوطانهم بغير وزن ولا مقدار، بل يعطون نعيما وثوابا لا يهتدي إليه عقل ولا وصف.

قوله تعالى: {قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ} (١١)؛أي قل يا محمّد لكفّار مكّة: إنّي أمرت أن أعبد الله،

{وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ} (١٢)،وأمرت أن أعبده على التوحيد والإخلاص، لا يشوب عبادته شرك.

قال مقاتل: (وذلك أنّ كفّار قريش قالوا له: يا محمّد ما يحملك على ما أتيتنا به؟ ألا تنظر إلى ملّة أبيك وجدّك وسادة قومك يعبدون اللاّت والعزّى فتأخذ بها؟ فأنزل الله هذه الآية) (٢).أي قل لهم إنّي أمرت بالقرآن بتوحيد الله تعالى، وأن آمر الخلق كلهم بذلك، وأمرت أن أكون أوّل من أسلم من أهل هذا الزّمان.

وقوله تعالى: {قُلْ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} (١٣)؛ بالرّجوع إلى دين آبائي،

{قُلِ اللهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَهُ دِينِي} (١٤)؛بالتوحيد لا أشرك به شيئا،

{فَاعْبُدُوا ما شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ؛} هذا أمر تهديد، {قُلْ إِنَّ الْخاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ؛} بأن صاروا إلى النار، {أَلا ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ} (١٥)،يعني الكفار هم الذين خسروا أنفسهم وأهليهم من الأزواج والخدم بالتخلية في النار. ويقال: خسران الأهل أن يخسروا أهلهم من الحور العين التي أعدّت لهم في الجنّة لو أسلموا.


(١) أيضا ذكره البغوي وبعبارة المصنف في معالم التنزيل: ص ١١٢٢.
(٢) قاله مقاتل في التفسير: ج ٣ ص ١٢٩ مع اختلاف في بعض الألفاظ.

<<  <  ج: ص:  >  >>