للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وانتصب قوله (رحمة وعلما) على التمييز، قال ابن عبّاس: (حملة العرش ما بين كعب أحدهم إلى أسفل قدمه مسيرة خمسمائة عام، ومستقرّ أرجلهم في الأرض السّابعة السّفلى، ورءوسهم تحت العرش، وهم خشوع لا يرفعون أبصارهم، وهم أشدّ خوفا من أهل السّماوات السّبع) (١).

وعن الضحّاك قال: (لمّا خلق الله حملة العرش قال لهم: احملوا عرشي، ولم يطيقوا! فخلق مع كلّ ملك من الأعوان مثل جنود سبع سماوات من الملائكة، وقال لهم: احملوا عرشي، فلم يطيقوا! فخلق مع كلّ واحد من الأعوان مثل جنود سبع سماوات وأرضين من الملائكة، ومثل من في الأرضين من الخلق، وقال لهم:

احملوا عرشي، فلم يطيقوا! فخلق مع كلّ واحد منهم مثل جنود سبع سماوات وجنود سبع أرضين وعدد ما في الرّمل من الحصى والثّرى (٢) وقال: احملوا عرشي، فلم يطيقوا! فقال: قولوا: لا حول ولا قوّة إلاّ بالله، فلمّا قالوها حملوا العرش)، وقال صلّى الله عليه وسلّم: [أذن لي أن أتحدّث عن ملك من حملة العرش ما بين شحمتي أذنه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام] (٣).

قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنادَوْنَ لَمَقْتُ اللهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمانِ فَتَكْفُرُونَ} (١٠)؛وذلك أن الكفار لمّا دخلوا النار مقتوا أنفسهم، ومقت بعضهم بعضا لاشتغالهم في الدّنيا بما قادهم إلى النار، فيناديهم مناد: {(لَمَقْتُ اللهِ أَكْبَرُ)} أي مقت الله إيّاكم في الدّنيا {(إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمانِ فَتَكْفُرُونَ)} أكبر من مقتكم أنفسكم اليوم.


(١) ذكره البغوي في معالم التنزيل: ص ١١٣٥.
(٢) الثّرى: التّراب النّدي.
(٣) أخرجه أبو داود في السنن: كتاب السنة: باب في الجهمية: الحديث (٤٧٢٧) عن جابر بن عبد الله. والطبراني في الأوسط: ج ٢ ص ٤٢٥:الحديث (١٧٣٠) بلفظ: [مسيرة سبعين عاما]. وفي مجمع الزوائد: ج ١ ص ٨٠؛قال الهيثمي: (رواه أبو داود، ورواه الطبراني في الأوسط، ورجاله رجال الصحيح).

<<  <  ج: ص:  >  >>