قوله تعالى:{قالُوا رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ؛} قال بعضهم:
معناه: كنّا نطفا في أصلاب آبائنا أمواتا فخلقت فينا الحياة، ثم أمتّنا بعد ذلك عند انتهاء آجالنا ثم أحييتنا للبعث، وهذا كقوله تعالى {وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ}(١).قالوا هكذا لأنّهم كانوا في الدّنيا فكذبوا في البعث، فاعترفوا في النار بما كذبوا به، وهو قوله تعالى:{فَاعْتَرَفْنا بِذُنُوبِنا؛} أي بالتّكذيب.
وقال بعضهم: أراد بالموت الأولى التي تكون عند قبض الأرواح، وبالموت الثانية التي تكون بعد الإحياء في القبر للسّؤال؛ لأنّهم أميتوا في الدّنيا ثم أحيوا في قبورهم فسئلوا، ثم أميتوا في قبورهم، ثم أحيوا في الآخرة للبعث، فيكون المراد بالإحياء الأول الإحياء في القبر، وبالإحياء الثاني الإحياء للبعث. قوله تعالى:
{(فَاعْتَرَفْنا بِذُنُوبِنا)} أي بإنعامك علينا ونفوذ قضائك فينا وتكذيبنا في الدّنيا، {فَهَلْ إِلى خُرُوجٍ مِنْ؛} النار، من، {سَبِيلٍ}(١١)،طريق فنؤمن بك ونرجع إلى طاعتك؟
فيجابون: ليس إلى خروج من سبيل، يقال لهم:
{ذلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذا دُعِيَ اللهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ؛} أي ذلك العذاب في النار والمقت بأنّكم إذا قيل لكم في الدّنيا: لا إله إلاّ الله، أنكرتم وكفرتم وقلتم أجعل الآلهة إلها واحدا، {وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ؛} بالله، {تُؤْمِنُوا،} صدّقتم، {فَالْحُكْمُ لِلّهِ الْعَلِيِّ؛} في سلطانه، {الْكَبِيرِ}(١٢)؛في عظمته لا يردّ حكمه.
وقوله تعالى:{هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آياتِهِ؛} أي دلائل توحيده ومصنوعاته التي تدلّ على قدرته من السّماء والأرض، والشمس والقمر، والنجوم والسّحاب وغير ذلك، {وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ رِزْقاً؛} يعني المطر الذي يسبب الأرزاق، {وَما يَتَذَكَّرُ إِلاّ مَنْ يُنِيبُ}(١٣)؛أي ما يتّعظ بهذه المصنوعات. وقيل:
معناه: وما يتّعظ بالقرآن إلاّ من يرجع إلى دلائل الله فيتدبّرها.