{مِنْ دُونِ اللهِ،} فيؤلمون قلوبهم بمثل هذا التوبيخ كما يؤلمون أبدانهم بالتعذيب، {قالُوا؛} فيقول الكفار: {ضَلُّوا عَنّا،} أي ضلّت آلهتنا عنّا؛ أي ضاعت فلا نراها، ثم يجحدون عبادة الأصنام فيقولون:{بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُوا مِنْ قَبْلُ شَيْئاً،} إن لم نكن نعبد من قبل هذا شيئا، ويجوز أن يكون هذا كالرّجل يعمل عملا لا ينتفع به، فيقال له: إيش تعمل؟ فيقول: لا شيء.
وقوله تعالى:{كَذلِكَ يُضِلُّ اللهُ الْكافِرِينَ}(٧٤)؛أي هكذا يهلكهم ذلك العذاب الذي نزل بكم،
والغلّ: هو ما يجعل في العنق للإذلال والإهانة. والطّوق: هو ما يجعل للإجلال والكرامة. وقرأ ابن عبّاس: «(والسّلاسل)» بفتح اللام، و «(يسحبون)» بفتح الياء؛ معناه: ويسحبون السلاسل (١).
فإن انتقمنا منهم وأنت حيّ فبشرى لك، وإن نتوفّاك قبل «أن» نريك ذلك فإلينا مرجع الكلّ منهم للمجازاة، وسيصل إليهم موعدهم.
قوله تعالى:{وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ؛} أي منهم من قصصنا عليك خبرهم في القرآن، ومنهم من لم نقصص عليك خبرهم، {وَما كانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاّ بِإِذْنِ اللهِ؛} في الآية إبلاغ عذر النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فيما يأتيهم به من الآيات التي كانوا يقترحونها عليه، وليس علينا حصر عدد الرّسل، ولكنا نؤمن بجملتهم.
(١) في إعراب القرآن للنحاس: ج ٤ ص ٣١؛ قال: (وروى أبو الجوزاء عن ابن عباس أنه قرأ والسلاسل بالنصب يسحبون والتقدير في قراءته: ويسحبون السلاسل).