وقوله تعالى:{فَإِذا جاءَ أَمْرُ اللهِ؛} أي إذا جاء قضاؤه بين أنبيائه وأممهم، {قُضِيَ بِالْحَقِّ،} لم يظلموا إذا عذّبوا {وَخَسِرَ هُنالِكَ؛} عند ذلك، {الْمُبْطِلُونَ}(٧٨)،المكذّبون.
قوله تعالى:{اللهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعامَ لِتَرْكَبُوا مِنْها وَمِنْها تَأْكُلُونَ}(٧٩)؛الله الذي خلق لكم الإبل والبقر والغنم لتركبوا بعضها وتأكلوا لحم بعضها،
{وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ؛} من ألبانها وأصوافها وأوبارها وأشعارها، {وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْها حاجَةً فِي صُدُورِكُمْ؛} أي لتبلغوا عليها في ركوبها حاجة في قلوبكم لا تبلغونها إلاّ بها، قال مجاهد:(تحمل أثقالكم من بلد إلى بلد، وتبلغوا عليها حاجاتكم في البلاد ممّا كانت)، {وَعَلَيْها وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ}(٨٠)؛أي وعلى ظهورها في البرّ وعلى السّفن في البحر تحملون في كسبكم وحجّكم وتجاراتكم.
قوله تعالى:{وَيُرِيكُمْ آياتِهِ؛} أي يريكم الله دلائل قدرته من الشمس والقمر والنّجوم والليل والنهار والجبال والبحار، وتسخّر الأنعام لمنافع العباد، كلّها من آيات الله، {فَأَيَّ آياتِ اللهِ تُنْكِرُونَ}(٨١)،فأيّ آية من آيات الله تجهلون أنّها ليست من الله تعالى؟
قوله تعالى:{أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ؛} من الأمم كيف أهلكهم الله بتكذيبهم الرسل، {كانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ؛} من أهل مكّة بالعدد، {وَأَشَدَّ قُوَّةً؛} في البلدان، وأظهر؛ {وَآثاراً فِي الْأَرْضِ؛} في الأبنية العظيمة، والقصور المشيدة، والعيون المستخرجة، {فَما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ}(٨٢)،فلم ينفعهم من عذاب الله كثرة عددهم وشدّة قوّتهم وجمعهم الأموال،
{فَلَمّا جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَرِحُوا بِما عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ}(٨٣)؛بالجهل الذي عندهم أنه علم، وقالوا: نحن أعلم منهم، لن نبعث ولن نعذب، فمعنى قوله: {(فَرِحُوا بِما عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ)} أي رضوا بما عندهم من العلم وهو في الحقيقة جهل وإن زعموه علما.