للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {اللهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزانَ؛} معناه: الله الذي أنزل القرآن بالحقّ؛ أي بما ضمّنه من الأمر والنهي والفرائض والأحكام، وكلّه حقّ من الله تعالى. وقوله تعالى {(وَالْمِيزانَ)} اختلفوا في إنزال الميزان، قال الحسن ومجاهد والضحّاك: (أراد به العدل) (١) وإنما كنّى عن العدل بالميزان لأنّ الميزان طريق معه العدل والمساواة.

وقال بعضهم: أنزل الميزان الذي يوزن به في زمن نوح عليه السّلام. وقال ابن عبّاس:

(أمر الله بالوفاء، ونهى عن البخس) (٢).

قوله تعالى: {وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السّاعَةَ قَرِيبٌ} (١٧)؛هذا تخويف للمشركين من قرب الساعة لينزجروا، وقد كان قوم من المشركين سألوا النبيّ صلّى الله عليه وسلّم عن الساعة تكذيبا بها، فأنزل الله هذه الآية، وإنّما قال {(قَرِيبٌ)} ولم يقل قريبة؛ لأن تأنيث الساعة غير حقيقيّ كما في قوله تعالى {إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ} (٣) ولأن معنى الساعة البعث.

قوله تعالى: {يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها؛} والذين يستعجلون بها قصد الإتيان بها استبعادا لقيامها لأنّهم لا يؤمنون بها، وهذه طريقة الجهلاء في كلّ شيء يجحدونه من حقائق الأمور.

وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْها؛} أي خائفون منها لا يدرون على ما يقدمون عليه لأنّهم موقنون أنّهم مبعوثون محاسبون، {وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ؛} أي الساعة لا ريب فيها.

قوله تعالى: {أَلا إِنَّ الَّذِينَ يُمارُونَ فِي السّاعَةِ؛} تدخلهم المرية والشكّ في القيامة، {لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ} (١٨)؛حين لم يفكّروا فيعلموا أن الذي خلقهم أوّلا قادر على بعثهم.


(١) أخرجه الطبري عن مجاهد وقتادة في جامع البيان: الأثر (٢٣٦٧٧ و ٢٣٦٧٨).
(٢) نقله البغوي في معالم التنزيل: ص ١١٥٦.
(٣) الأعراف ٥٦/.

<<  <  ج: ص:  >  >>