للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ؛} أي من عفى عمّن ظلمه وأصلح بالعفو بينه وبين ظالمه فأجره على الله تعالى، وقوله تعالى: {إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظّالِمِينَ} (٤٠)؛يعني من يبدأ بالظّلم. وفيه بيان أنّ الله تعالى إنما ندب المظلوم إلى العفو لا لميله إلى الظالم أو لحبه إياه، ولكن ليعرّض المظلوم لجزيل الثّواب بالعفو.

قوله تعالى: {وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ؛} أي بعد ظلم الظالم إيّاه، فالمصدر هاهنا مضاف إلى المفعول، كقوله: {مِنْ دُعاءِ الْخَيْرِ} (١) و {بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ} (٢)، {فَأُولئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ (٤١) إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النّاسَ؛} يعني الذين يبدءون بالظّلم، {وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ؛} أي يعملون بالمعاصي، {أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ} (٤٢).

قوله تعالى: {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ؛} يعني من صبر ولم ينتصر وغفر، {إِنَّ ذلِكَ؛} الصبر والتّجاوز، {لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} (٤٣)؛قال مقاتل: (من الأمور الّتي أمر الله بها) (٣)،والمراد بذلك إذا كان الجاني نادما مقلعا. والعزم على الشيء هو أن يعقد قلبه على أنّه سيفعله، وكلّها كانت رغبة الصابر في الثواب أكثر كان عزمه على التجاوز أتمّ لتيقّنه بالخلف والثواب.

قوله تعالى: {وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ؛} أي من يخذله الله بعناده وجحوده، ويضلّه عن الهدى، {فَما لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ؛} أي ما له من أحد يلي هدايته بعد إضلال الله إيّاه. وقيل: معناه: من يهلكه الله ويضيّعه فما له من وليّ يلي أمره ويدفع عنه العذاب.

قوله تعالى: {وَتَرَى الظّالِمِينَ؛} أي ترى المشركين يا محمّد، {لَمّا رَأَوُا الْعَذابَ؛} في الآخرة يسألون الرجعة إلى الدّنيا، {يَقُولُونَ هَلْ إِلى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ} (٤٤).


(١) فصلت ٤٩/.
(٢) ص ٢٥/.
(٣) قاله مقاتل في التفسير: ج ٣ ص ١٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>