للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {وَإِنّا إِذا أَذَقْنَا الْإِنْسانَ مِنّا رَحْمَةً؛} أي غنى وصحّة، {فَرِحَ بِها؛} يعني الكافر، {وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ؛} أي قحط، {بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ؛} من الكفر، {فَإِنَّ الْإِنْسانَ كَفُورٌ} (٤٨)؛لما تقدّم من نعم الله عليه ويجحد.

قوله تعالى: {لِلّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ؛} أي له التصرّف فيهما بما يريد (١)، {يَخْلُقُ ما يَشاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً؛} مثل ما وهب للوط عليه السّلام، {وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ} (٤٩)؛مثل ما وهب لإبراهيم عليه السّلام لم يكن له ولد أنثى،

{أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَإِناثاً؛} أي يجمع لمن يشاء البنين والبنات، كما وهب لنبيّنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم فإنه كان له ثلاثة بنين وأربع بنات، {وَيَجْعَلُ مَنْ يَشاءُ عَقِيماً؛} لا يولد له مثل يحيى وعيسى عليه السّلام، {إِنَّهُ عَلِيمٌ؛} بعواقب الأمور وأواخرها وأوائلها، وفواتحها وخواتمها، وظواهرها وبواطنها، {قَدِيرٌ} (٥٠)؛ على كلّ شيء، لا يلحقه عجز ولا يعتريه منع.

قوله تعالى: {*وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلاّ وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ؛} أي ما كان لآدميّ أن يكلّمه الله مواجهة بغير حجاب، إلاّ أن يوحي أن يقذف في قلبه ويلهم إما في المنام أو بالإلهام (٢)، كما أخبر الله في قصّة إبراهيم عليه السّلام في قوله {إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ} (٣).

وقوله تعالى: {(أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ)} كما كلّم موسى عليه السّلام، كان يسمع كلامه من حيث لا يراه، أو يرسل من الملائكة جبريل أو غيره فيوحي ذلك الرسول إلى المرسل إليه بإذن الله ما يشاء الله.

قال الزجّاج: (المعنى: أنّ كلام الله للبشر إمّا أن يكون بإلهام أو يكلّمهم من وراء حجاب كما كلّم موسى، أو برسالة ملك إليهم) (٤).فمن قرأ {(أَوْ يُرْسِلَ)} بنصب


(١) قاله البغوي في معالم التنزيل: ص ١١٦٣.
(٢) في المخطوط: (يقذف في قلبه ويلهم إما في المنام أو في الآخرة) والعبارة غير مستقيمة.
(٣) الصافات ١٠٢/.
(٤) قاله الزجاج في معاني القرآن وإعرابه: ج ٤ ص ٣٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>