للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اللام فمعناه: أو أن يرسل رسولا من الملائكة، كما أرسل جبريل عليه السّلام، وتقديره: وما كان لبشر أن يكلّمه الله إلاّ وحيا أن يوحي إليه أو يكلّمه من وراء حجاب أو يرسل رسولا. ومن قرأ بالرفع أراد: وهو يرسل فهو ابتداء واستئناف، والوقف كاف على ما قبله.

وقوله تعالى: {إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ} (٥١)؛أي هو أعلى من أن يدركه الخلق بالأبصار الفانية بلا حجاب، الحكيم فيما يأمر وينهى.

قوله تعالى: {وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا؛} أي كما أوحينا إلى الرّسل من قبلك أوحينا إليك جبريل بالقرآن الذي «فيه» (١) حياة القلوب من الجهل.

ومن هذا سمّي القرآن روحا؛ لأنه سبب حياة الدّين، كما أنّ الروح سبب حياة الجسد. وقال مقاتل: (معنى قوله {(رُوحاً)} يعني الوحي) (٢) وهو القرآن؛ لأنّه يهتدى به، ففيه حياة من موت الكفر. وقوله {(مِنْ أَمْرِنا)وقيل: إنّ الروح هاهنا جبريل.

وقوله: {ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلا الْإِيمانُ؛} أي ما كنت تدري قبل الوحي ما الكتاب ولا ما الإيمان؛ قيل: لأنه كان لا يعرف القرآن قبل الوحي، ولا كان يعرف بشرائع الإيمان ومعالمه، وهي كلّها إيمان، وهذا اختيار الإمام محمّد بن جرير، واحتجّ بقوله {وَما كانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ} (٣) يعني الصّلاة سمّاها إيمانا.

وقيل: معناه: ما كنت تدري ما الإيمان قبل البلوغ، يعني حين كان طفلا في المهد.

وقال الحسين بن الفضل: (هذا من باب حذف المضاف؛ معناه: «أي ما كنت تدري ما الكتاب» (٤) ولا أهل الإيمان «أي» (٥) من الّذي يؤمن ومن الّذي لا يؤمن)،وفي الجملة لم يكن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم على الكفر قطّ، وإنّه كان على فطرة الإسلام حين ولد،


(١) (فيه) سقطت من المخطوط.
(٢) قاله مقاتل في التفسير: ج ٣ ص ١٨٣.
(٣) البقرة ١٤٣/.
(٤) (أي ما كنت تدري ما الكتاب) سقطت من المخطوط، وأجرينا ضبط العبارة من كلام الحسين ابن الفضل، كما نقله القرطبي في الجامع لأحكام القرآن: ج ١٦ ص ٥٩.
(٥) (أي) سقطت من المخطوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>