للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: {(لا يَرْجُونَ أَيّامَ اللهِ)} أي لا يخافون عذاب الله من إيذائكم، فتجاوزوا عنهم ليوفّيهم الله عقاب سيّئاتهم بما عملوا. ويجوز أن يكون المعنى: تجاوزوا عن الذين لا يرجون ثواب الله للمؤمنين، {لِيَجْزِيَ؛} الله، {قَوْماً،} المؤمنين يوم الجزاء، {بِما كانُوا يَكْسِبُونَ} (١٤)؛بما كانوا يعملون من الخيرات.

وقيل: إن الآية نزلت في أصحاب النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، كانوا في أذى شديد من أهل مكّة قبل أن يؤمروا بقتالهم، فأمر الله المؤمنين بترك مكافأتهم، ثم نسخت بقوله تعالى {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا} (١).

وقال الحسن: (لم تنسخ هذه الآية، وهي على الاستحباب في العفو ما لم يؤدّوا إلى الإخلال بحقّ الله أو إلى إذلال الدّين).

{مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ} (١٥).

قوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنا بَنِي إِسْرائِيلَ الْكِتابَ؛} يعني التوراة والإنجيل، {وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ؛} أي الفهم في الكتاب وفصل الأمر، وجعلنا فيهم الأنبياء والرّسل، {وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ؛} أي من الحلال ومن لذيذ الأطعمة كالمنّ والسّلوى وغيرهما، {وَفَضَّلْناهُمْ عَلَى الْعالَمِينَ} (١٦)؛أي على عالمي زمانهم بكثرة النبيّين فيهم، وفضّل الله أمّة نبيّنا محمد صلّى الله عليه وسلّم بكثرة العلماء فيهم، والقائمين بالحقّ منهم كما قال تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنّاسِ} (٢).

قوله تعالى: {وَآتَيْناهُمْ بَيِّناتٍ مِنَ الْأَمْرِ؛} يعني العلم بمبعث النّبيّ محمّد صلّى الله عليه وسلّم، وما بيّن لهم من الأمر، {فَمَا اخْتَلَفُوا إِلاّ مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} (١٧)؛الآية قد تقدّم تفسيرها.

قوله تعالى: {ثُمَّ جَعَلْناكَ عَلى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْها؛} أي ثم أكرمناك يا محمّد بعد اختلافهم فجعلناك على طريقة مستقرّة من الدّين، فاستقم


(١) الحج ٣٩/. أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (٢٤١٢٠) عن مجاهد، و (٢٤١٢١) عن قتادة.
(٢) آل عمران ١١٠/.

<<  <  ج: ص:  >  >>