عليها وادع الخلق إليها، ولا تعمل بأهواء الذين يخالفونك في أمر الدّين والقبلة، وهو قوله تعالى:{وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ}(١٨)،توحيد الله؛ قيل: يعني كفّار قريش.
قوله تعالى:{إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللهِ شَيْئاً؛} أي لن يدفعوا عنك من عذاب الله شيئا إن اتّبعت أهواءهم، {وَإِنَّ الظّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ،} يعني المشركين أنصار بعضهم بعضا، {وَاللهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ}(١٩)؛أي ناصر المؤمنين المتّقين الشرك وهم أمة محمّد صلّى الله عليه وسلّم.
قوله تعالى:{هذا بَصائِرُ لِلنّاسِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ؛} أي هذا القرآن عظات للناس وعبرة وبيان لهم من الضّلالة ونجاة من العذاب، {لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ}(٢٠)؛أنه من الله تعالى.
قوله تعالى:{أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ؛} قيل: إنّ هذه الآية نزلت في ثلاث نفر من المشركين؛ وهم عتبة وشيبة والوليد بن عتبة، بارزوا عليّا وحمزة وعبيدة بن الحارث رضي الله عنهم يوم بدر، كانوا يقولون لهم: لئن كان محمّد حقّا في الآخرة لتفضّل عليكم في الآخرة كما فضّلنا عليكم في الدّنيا (١).
ومعنى الآية: أحسب الذين {(اجْتَرَحُوا)} اكتسبوا {(السَّيِّئاتِ)} المعاصي {(أَنْ نَجْعَلَهُمْ)} في الآخرة {(كَالَّذِينَ آمَنُوا)} بمحمّد صلّى الله عليه وسلّم والقرآن {(وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ)} من الصّلاة والزكاة.
وتمّ الكلام، ثم قال:{سَواءً مَحْياهُمْ وَمَماتُهُمْ،} ارتفع «(سواء)» على أنه خبر مبتدأ مقدّم، تقديره: محياهم ومماتهم سواء، والضمير فيهما يعود إلى القبيلتين المؤمنين والكافرين، يقول المؤمن مؤمن في محياه ومؤمن في مماته، والكافر كافر في حياته ومماته. والمعنى: إنّ المؤمن يموت على إيمانه ويبعث عليه، والكافر يموت على كفره ويبعث عليه، يريد محيا القبيلتين ومماتهم سواء.
(١) ذكره القرطبي في الجامع لأحكام القرآن: ج ١٦ ص ١٦٥.