للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: {فَإِذا عَزَمَ الْأَمْرُ؛} فإذا وجد الأمر ولزم فرض القتال، نكلوا وكذبوا فيما وعدوك من أنفسهم، {فَلَوْ صَدَقُوا اللهَ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ} (٢١)؛أي لو صدّقوا الله في إيمانهم وجهادهم لكان خيرا لهم من المعصية والكراهة والمخالفة.

وقوله تعالى: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ؛} أي فلعلّكم إن انصرفتم من محمّد صلّى الله عليه وسلّم وعن ما يأمركم به أن تعودوا إلى مثل ما كنتم عليه من الكفر والفساد في الأرض من وأد البنات، ومن قتل بعضكم بعضا كفعل الجاهليّة، وقيل: معناه: لعلّكم إن تولّيتم أمر هذه الأمة بعد النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أن تفسدوا في الأرض بالقتال، {وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ} (٢٢)؛بالبغي، فيقتل قريش بني هاشم، وبنو هاشم قريشا.

وذهب كثير من الناس إلى أنّ هؤلاء بنو أميّة، والمعنى: فلعلّكم إن أعرضتم عن الإيمان والقرآن، وفارقتم أحكامه أن تفسدوا في الأرض فتعودوا إلى ما كنتم عليه في الجاهليّة من الفساد وقتل بعضكم بعضا، وتقطّعوا أرحامكم بسفك الدماء بعد ما جمعكم الله بالاسلام والألفة، فتعودوا إلى ما كنتم عليه في جاهليّتكم من القتل والبغي وقطيعة الرّحم. وقال المسيّب بن شريك (١): (معناه: فهل عسيتم إن تولّيتم أمر النّاس أن تفسدوا في الأرض بالظّلم، نزلت في أميّة بن خلف وفي بني هاشم) (٢).

قرأ يعقوب وأبو حاتم: «(وتقطعوا)» مخفّفا من القطع اعتبارا بقوله {وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ} (٣)،وقول الحسن «(وتقطّعوا)» بفتح الحروف المشدّدة اعتبارا بقوله {فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ} (٤)،وقرأ الكافّة «(وتقطّعوا)» بضمّ التاء وتشديد الطاء وكسرها من القطع على التكثير لأجل الأرحام.


(١) المسيّب بن شريك، أبو سعيد التميمي الشقري، كوفي الأصل، الغالب على ترك حديثه، توفي سنة (١٨٦) من الهجرة. ترجم له الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد: الرقم (٧١٢٣).
(٢) ذكره البغوي في معالم التنزيل: ص ١١٩٨.والقرطبي في الجامع لأحكام القرآن: ج ١٦ ص ٢٤٥.
(٣) البقرة ٢٧/.
(٤) المؤمنون ٥٣/.

<<  <  ج: ص:  >  >>