للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال المفسّرون معنى قوله (في لحن القول) أي في فحوى القول، ومعناه:

ومقصده، ويقال: فلان لحن بحجّته ولاحن في كلامه، وفي الحديث: [لعلّ بعضكم ألحن بحجّته] (١) أي أذهب بها في الجهات لقوّته على تصريف الكلام، وإذا قيل:

لحن في كلامه أو ألحن؛ فمعناه: ذهب بالكلام إلى خلاف جهة الصّواب.

ولحن القارئ إذا ترك الإعراب الصّواب وعدل عنه. وقوله تعالى: {وَاللهُ يَعْلَمُ أَعْمالَكُمْ} (٣٠)؛أي يعلم ظواهرها وبواطنها.

قوله تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصّابِرِينَ؛} لنعاملكم معاملة المختبر فيما نأمركم به من الجهاد حتى نميّز المجاهدين منكم من غيرهم، والصابرين في القتال من الذين لا يصبرون.

وإنما كنّى بالعلم عن التمييز؛ لأنه يتوصّل بالعلم إلى التمييز، فكان الله تعالى عالما بكلّ منهم قبل أن خلقهم، ولكن أراد بالعلم في هذه الآية العلم الذي يجب به الجزاء، وهو علم الشهادة لا علم الغيب.

وقوله تعالى: {وَنَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ} (٣١)؛أي نختبر بما نأمركم به وننهاكم عنه أخباركم وأحوالكم حتى يظهر للناس، وكان الفضيل بن عياض إذا أتى على هذه الآية بكى وقال: (إنّك إن بلوت أخبارنا وفضحتنا وهتكت أستارنا) (٢).

قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ؛} يعني بني قريظة والنّضير، {وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدى؛} في التوراة، {لَنْ يَضُرُّوا اللهَ شَيْئاً؛} بتركهم الهدى، إنما يضرّون أنفسهم، {وَسَيُحْبِطُ أَعْمالَهُمْ} (٣٢)؛فلا يريدون لها في الآخرة ثوابا.


(١) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير: ج ٢٣ ص ٢٨١:الحديث (٨٠٣) عن أم سلمة، والحديث (٩٠٢) بإسناد صحيح. وأخرجه البخاري في الصحيح: كتاب الحيل: باب (١٠):الحديث (٦٩٦٧).وله أسانيد عند الطبراني وغيره.
(٢) ذكره أيضا القرطبي في الجامع لأحكام القرآن: ج ١٦ ص ٢٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>