للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثمّ أذن لهم فدخلوا، فقال: [يا محمّد أتأذن لخطيبنا؟] فقال صلّى الله عليه وسلّم: [ادعوا إليّ ثابت بن قيس بن شمّاس] فدعي له، فقال صلّى الله عليه وسلّم: [ليتكلّم صاحبكم] فتكلّم، فقال عليه السّلام: [أجب يا ثابت] فأجابه.

فقال الأقرع: [ائذن لشاعرنا يا محمّد] فقال عليه السّلام: [ادعوا إليّ القارعة] يعني حسّان، فلمّا جاء حسّان قال صلّى الله عليه وسلّم: [ليتكلّم شاعركم] فلمّا تكلّم، قال صلّى الله عليه وسلّم:

[أجبه يا حسّان] فأجابه، فقال عطارد للأقرع: والله إنّ محمّدا المؤتى له-أي أعطي كلّ شيء-فإنّ خطيبه أخطب من خطيبنا، وشاعره أشعر من شاعرنا (١).

وعلت الأصوات وكثر اللّغط، وكان أشدّهم صوتا وأعلاهم ثابت بن قيس، وكان به صمم لا يكاد يسمع إلاّ أن يصاح به فيجيب بمثله. فأنزل الله هذه الآية، ونهوا أن يرفعوا أصواتهم على صوت النبيّ صلّى الله عليه وسلّم تعظيما له؛ لأن رفع الصّوت على الإنسان يوهم الاستخفاف به في ظاهر الحال.

وعن جابر بن عبد الله (٢) قال: (لمّا جاء بنو تميم إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فنادوا على الباب: أخرج يا محمّد؛ فإنّ مدحنا زين وذمّنا شين، قال: فخرج إليهم وقال:

[إنّما ذلكم الله الّذي مدحه زين وذمّه شين] قالوا: نحن أناس من بني تميم، جئنا بشاعرنا وخطيبنا لشاعركم ونفاخرك، فقال صلّى الله عليه وسلّم: [ما بالشّعر بعثت ولا بالفخار أمرت، ولكن هاتوا].فقال لشابّ من شبابهم: قم يا فلان فاذكر فضلك وفضل قومك، فقام فقال:

الحمد لله الّذي جعلنا خير خلقه، وآتانا أموالا نفعل فيها ما نشاء، فنحن من خير أهل الأرض وأكثرهم عدّة وسلاحا ومالا، فمن أنكر علينا قولنا فليأت بقول هو أحسن من قولنا، وفعال هي خير من فعالنا.


(١) السيرة النبوية لابن هشام: ج ٤ ص ٢٠٦ - ٢٠٨: قدوم وفد بني تميم ونزول سورة الحجرات. وينظر: ج ٤ ص ٢١٢.
(٢) الحديث بطوله في كنز العمال: الغزوات والوفود: الحديث (٣٠٣١٦)،ونسبه إلى الروياني وابن منده.

<<  <  ج: ص:  >  >>