للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يبكيك يا ثابت؟! فقال: أخاف أن تكون هذه الآية نزلت فيّ، فأخاف أن تحبط عملي وأن أكون من أهل النّار.

فمضى عاصم إلى رسول الله فأخبره، فقال: [اذهب وادعه لي] فدعاه لرسول الله، فقال: [ما يبكيك يا ثابت؟] قال: أنا صيّت يا رسول الله؛ وأخاف أن تكون هذه الآية نزلت فيّ، فقال صلّى الله عليه وسلّم: [أما ترضى أن تعيش حميدا وتموت شهيدا ويدخلك الله الجنّة؟] فقال: رضيت يا رسول الله؛ لا أرفع صوتي بعدها عليك يا رسول الله (١).فأنزل الله فيه وفي أبي بكر رضي الله عنه وعمر وأمثالهم:

قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْواتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ أُولئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى؛} أي أخلصها واصطفاها واختبرها، كما يمتحن الذهب بالنار فيخرج خالصا، وقال ابن عبّاس: (معناه: أولئك الّذين أكرم الله قلوبهم).وقيل:

أذهب الشهوات عنها.

قال الزجّاج: أمر الله بتبجيل نبيّه صلّى الله عليه وسلّم وأن يغضّوا أبصارهم عند ما يخاطبون بالسّكينة والوقار؛ لئلاّ تحبط أعمالهم وهم لا يشعرون فلذلك قال: فلمّا كان يوم اليمامة في حرب مسيلمة، قاتل ثابت بن قيس وسالم مولى أبي حذيفة قتالا شديدا حتّى قتلا، واستشهد ثابت وعليه درع (٢).

قوله تعالى: {(يَغُضُّونَ أَصْواتَهُمْ)} الغضّ النّقص من كلّ شيء، قال الله تعالى: {وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ} (٣)،وقوله تعالى {(امْتَحَنَ اللهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى)} أي أخلصها للتّقوى. قوله تعالى: {لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ} (٣)؛أي في الجنّة.


(١) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (٢٤٥٢٣).وفي الدر المنثور: ج ٧ ص ٥٤٩؛ قال السيوطي: (أخرجه ابن جرير والطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه).
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (٢٤٥٢٦).
(٣) لقمان ١٩/.

<<  <  ج: ص:  >  >>