للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ؛} أي كلّ من هؤلاء المذكورين كذب الرّسل، {فَحَقَّ وَعِيدِ} (١٤)؛أي فوجب عليهم عذابه، وحقّ عليهم كلمة العذاب.

وسمي تبّعا لكثرة أتباعه وكان يعبد النار فأسلم ودعا قومه إلى الإسلام وهم حمير فكذبوه، قال حاتم الرقّاشي (١):كان أسعد الحميريّ من التّتابعة، آمن بالنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قبل أن يبعث بسبعمائة سنة، وقال:

شهدت على أحمد أنّه ... رسول من الله باري النّسم

فلو مدّ عمري إلى عمره ... لكنت وزيرا له وابن عم

قال قتادة: (ذمّ الله قوم تبّع ولم يذمّه، وكان من ملوك اليمن، فسار بالجيوش وافتتح البلاد وقصد مكّة ليهدم البيت، فقيل له: إنّ لهذا البيت ربّا يحميه، فندم وأحرم ودخل مكّة وطاف بالبيت وكساه، وهو أوّل من كسا البيت) (٢).

قوله تعالى: {أَفَعَيِينا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ؛} هذا جواب لقولهم (ذلك رجع بعيد).والمعنى: أعجزنا حين خلقناهم أوّلا ولم يكونوا شيئا، فكيف عن بعثهم، وهذا تقرير لهم لأنّهم اعترفوا بأنّ الله الخالق وأنكروا البعث. ثم ذكر أنّهم في شكّ من البعث، فقال الله تعالى: {بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ} (١٥)؛أي بل هم في شكّ من البعث.

قوله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ وَنَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ؛} أي ولقد خلقنا لبني آدم ونعلم ما يحدّث به قلبه؛ أي نعلم ما يخفي ويكنّ في نفسه، {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ؛} بالعلم بأحواله وبما في ضميره، {مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} (١٦)؛وهو عرق في باطن العنق بين العليا والحلقوم، وهما وريدان عن يمين ثغرة النّحر ويسارها، يتّصلان من ناحيتي الحلق والعاتق، ينصبّان أبدا من


(١) ذكره الثعلبي في الكشف والبيان: ج ٩ ص ٩٧.والقرطبي في الجامع لأحكام القرآن: ج ١٦ ص ١٤٥.
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان: تفسير سورة الدخان: الأثر (٢٤٠٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>