للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {فَتَوَلّى بِرُكْنِهِ؛} أي أعرض فرعون عن الإيمان به بجمعه وجنده الذين كان يتقوّى كالرّكن الذي يتقوّى به البنيان، {وَقالَ ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ} (٣٩)،ونسب موسى إلى السّحر والجنون مع ظهور حجّته عليه.

قوله تعالى: {فَأَخَذْناهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْناهُمْ فِي الْيَمِّ؛} أي فعاقبناه وجموعه فطرحناهم في البحر وأغرقناهم، {وَهُوَ مُلِيمٌ} (٤٠)؛أي وهو مستوجب الملامة؛ لأنه أتى بما يلام عليه حين ادّعى الرّبوبيّة وكذب الرّسل.

قوله تعالى: {وَفِي عادٍ إِذْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ} (٤١)؛أي وفي خبر قوم هود آية أيضا، حين أرسلنا عليهم الدّبور والعقيم التي لا خير لهم فيها ولا بركة ولا تلقح شجرا ولا تحمل مطرا، إنما هي ريح الهلاك، وكانت تلك الريح التي أهلكت بها عاد ريح الدّبور، قال صلّى الله عليه وسلّم: [نصرت بالصّبا وأهلكت عاد بالدّبور] (١).

وقوله تعالى: {ما تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلاّ جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ} (٤٢)؛ معناه: ما تترك من شيء مرّت عليه من أنفسهم وأنعامهم إلاّ جعلته كالحطيم البالي المنسحق. ويقال: الرّميم: هو الورق اليابس المتحطّم مثل الهشيم الذي يسير كالهباء بأيسر ما تجري عليه.

قال قتادة: (معناه: إلاّ جعلته كالرّميم الشّجر)،وقال أبو العالية: (كالتّراب المدقّق)،وقال ابن عبّاس: (كالشّيء الهالك) (٢)،وفي الحديث: [أنّ تلك الرّيح كانت تتبع مسافريهم وما شدّ من متاعهم فتحمله فتلقيه في وادي صنعاء، ولم تضرّ غريبا ليس منهم] (٣).


(١) أخرجه البخاري في الصحيح: كتاب بدء الخلق: الحديث (٣٢٠٥).ومسلم في الصحيح: كتاب صلاة الاستسقاء: الحديث (٩٠٠/ ١٧).الصّبا: ريح الشرق تهبّ من مطلع الشمس. والدّبور: عكس الصّبا تهبّ من الغرب.
(٢) أخرج هذه الآثار الطبري في جامع البيان: الآثار (٢٤٩٥٣ - ٢٤٩٥٥).
(٣) في الدر المنثور: ج ٧ ص ١٤١؛ قال السيوطي: (أخرجه الطبراني عن ابن عباس، وأخرجه سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وأبو يعلى عن أبي سعيد، وأخرجه الدارقطني في الافراد عن أبي سعيد الخدري، وأخرجه الخطيب عن أبي سعيد الخدري).

<<  <  ج: ص:  >  >>