للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بالقرآن تنفع المؤمنين وتزيدهم صلاحا، يعني تنفع من علم الله أن يؤمن منهم. وقال الكلبيّ: (معناه: عظ بالقرآن من آمن من قومك، فإنّ الذّكرى تنفع المؤمنين) (١).

قوله تعالى: {وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلاّ لِيَعْبُدُونِ} (٥٦)؛يعني:

ما خلقتهم لجرّ منفعة ولا لدفع مضرّة ولا الاستكثار بهم من قلّة، وما خلقتهم إلاّ لآمرهم بعبادتي وأنهاهم عن معصيتي، ولو أنّهم خلقوا لعبادة ربهم لما عصوا ربّهم طرفة عين. وقال ابن عبّاس: (هذه الآية خاصّة لأهل طاعة الله لأنّه تعالى قال:

{وَلَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ} (٢)).

وقرأ ابن عبّاس: «(وما خلقت الجنّ والإنس من المؤمنين إلاّ ليعبدون)»،وقال عليّ بن أبي طالب: (معنى الآية: ما خلقتهم إلاّ لآمرهم ليعبدوني وأدعوهم إلى عبادتي) (٣).

قوله تعالى: {ما أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَما أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ} (٥٧)؛أي لم يكلّفهم أن يرزقوا أنفسهم، ولا أحدا من خلقي، ولم أكلّفهم أن يرزقوني، ولا يعينوني على عطاء الرزق لعبادي.

والمعنى: ما أريد منهم أن يرزقوا أحدا من خلقي، ولا أن يرزقوا أنفسهم، وما أريد أن يطعموا أحدا من خلقي، ولا أن يطعموا أنفسهم، وإنما أسند الإطعام إلى نفسه؛ لأن الخلق عيال الله، فمن أطعم عيال أحد فقد أطعمه.

قوله تعالى: {إِنَّ اللهَ هُوَ الرَّزّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} (٥٨)؛معناه: إنّ الله هو الرزّاق جميع خلقه، ذو القوّة والاقتدار على جميع ما خلق، (المتين) يعني القويّ. قرأ العامّة «(المتين)» بالرفع (ذو) أو هو الله سبحانه (٤)،وقرأ الأعمش «(المتين)»


(١) ذكره البغوي في معالم التنزيل: ص ١٢٣٦.
(٢) الأعراف ١٧٩/.
(٣) ذكره البغوي في معالم التنزيل: ص ١٢٣٦.
(٤) المعنى: أو (ذو) من قوله: ذُو الْقُوَّةِ أو يكون خبر ابتداء محذوف. قاله القرطبي في الجامع لأحكام القرآن: ج ١٧ ص ٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>