للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بالخفض على نعت القوّة، وكان من حقّه أن يقول: المتينة، وإنما ذكره لأنه ذهب به إلى الشيء المبرم المحكم (١).

قوله تعالى: {فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوباً مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحابِهِمْ فَلا يَسْتَعْجِلُونِ} (٥٩) أخبر الله تعالى بهذا أن لمشركي مكّة من العذاب مثل ما لغيرهم من الأمم الكافرة.

والمعنى: فإنّ للذين كفروا نصيبا من العذاب مثل نصيب أصحابهم الذين هلكوا نحو قوم نوح وعاد وثمود.

وأصل الذنوب الدّلو المملوءة بالماء، قال ابن قتيبة: (كانوا يسقون فيكون لكلّ واحد ذنوب) (٢)،فجعل الذنوب مكان الحظّ والنصيب، قال الشاعر:

لنا ذنوب ولكم ذنوب ... فإن أبيتم فلنا القليب

وقال آخر (٣):

لعمرك والمنايا طارقات ... لكلّ بني أب منها ذنوب

وقوله تعالى {(فَلا يَسْتَعْجِلُونِ)} أي لا يستعجلوني بالعذاب، فإنّي قد أخّرتهم إلى يوم القيامة، يدلّ عليه قوله تعالى:

{فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ} (٦٠)؛يعني يوم القيامة.

آخر تفسير سورة (والذاريات) والحمد لله رب العالمين


(١) ذكره أيضا القرطبي عن الفراء في الجامع لأحكام القرآن: ج ١٧ ص ٥٦ - ٥٧.
(٢) في غريب الحديث: ج ١ ص ٣٨٨؛قال ابن قتيبة: (الذّنوب: الدّلو).
(٣) قائله: أبو ذؤيب.

<<  <  ج: ص:  >  >>