للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنّاتٍ وَنَعِيمٍ (١٧) فاكِهِينَ بِما آتاهُمْ رَبُّهُمْ؛} أي فاكهين؛ أي ذووا فاكهة كثيرة، وفكهين متعجّبين ناعمين، {وَوَقاهُمْ رَبُّهُمْ عَذابَ الْجَحِيمِ} (١٨)؛أي ضرّه عنهم،

يقال لهم: {كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} (١٩)؛أي كلوا أكلا هنيئا، واشربوا شربا هنيئا، مأمون العافية من التّخمة والسّقم.

وقيل: انتصب قوله تعالى: (هنيئا) لأنه في صفة المصدر؛ أي هنئتم هنيئا، وهو أن يكون خالصا من جميع الآفات وأسباب التّنغيص.

قال زيد بن أرقم: جاء رجل من أهل الكتاب إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: يا أبا القاسم؛ تزعم أنّ أهل الجنّة يأكلون ويشربون. فقال: [والّذي نفسي بيده؛ إنّ الرّجل منهم ليؤتى قوّة مائة رجل في الأكل والشّرب والجماع] قال الرّجل: فإنّ الّذي يأكل ويشرب يكون منه الغائط؟ فقال صلّى الله عليه وسلّم: [ذاك عرق يفيض مثل ريح المسك، فإذا كان ذلك ضمر له بطنه] (١).

قوله تعالى: {مُتَّكِئِينَ عَلى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ؛} في ذكر حالهم معناه: جالسين جلسة الملوك على سرر قد صفّ بعضها إلى بعض، وقوبل بعضها ببعض، {وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ} (٢٠)؛الحور: البيضاء نقيّة البياض من الحسن والكمال، والعين: الواسعات الأعين.

قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ؛} يعني أولادهم الصّغار والكبار؛ لأن الكبار يتبعون الآباء بإيمانهم منهم، والصغار يتبعون الآباء بإيمان من الآباء، والولد يحكم له بالإسلام تبعا للوالد، {أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ؛} يرفعون إليهم لتقرّ بهم أعينهم وإن كانوا دونهم في العمل تكرمة لآبائهم.


(١) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير: ج ٥ ص ١٧٧ - ١٧٨:الحديث (٥٠٠٤ - ٥٠٠٨).والإمام أحمد في المسند: ج ٤ ص ٣٦٧ و ٣٨١.وفي مجمع الزوائد: ج ١٠ ص ٢١٦؛قال الهيثمي: (رواه أحمد والبزار والطبراني، ورجال أحمد والبزار رجال الصحيح غير ثمامة بن عقبة وهو ثقة).

<<  <  ج: ص:  >  >>