يقال لهم:{كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}(١٩)؛أي كلوا أكلا هنيئا، واشربوا شربا هنيئا، مأمون العافية من التّخمة والسّقم.
وقيل: انتصب قوله تعالى: (هنيئا) لأنه في صفة المصدر؛ أي هنئتم هنيئا، وهو أن يكون خالصا من جميع الآفات وأسباب التّنغيص.
قال زيد بن أرقم: جاء رجل من أهل الكتاب إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: يا أبا القاسم؛ تزعم أنّ أهل الجنّة يأكلون ويشربون. فقال:[والّذي نفسي بيده؛ إنّ الرّجل منهم ليؤتى قوّة مائة رجل في الأكل والشّرب والجماع] قال الرّجل: فإنّ الّذي يأكل ويشرب يكون منه الغائط؟ فقال صلّى الله عليه وسلّم:[ذاك عرق يفيض مثل ريح المسك، فإذا كان ذلك ضمر له بطنه](١).
قوله تعالى:{مُتَّكِئِينَ عَلى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ؛} في ذكر حالهم معناه: جالسين جلسة الملوك على سرر قد صفّ بعضها إلى بعض، وقوبل بعضها ببعض، {وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ}(٢٠)؛الحور: البيضاء نقيّة البياض من الحسن والكمال، والعين: الواسعات الأعين.
قوله تعالى:{وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ؛} يعني أولادهم الصّغار والكبار؛ لأن الكبار يتبعون الآباء بإيمانهم منهم، والصغار يتبعون الآباء بإيمان من الآباء، والولد يحكم له بالإسلام تبعا للوالد، {أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ؛} يرفعون إليهم لتقرّ بهم أعينهم وإن كانوا دونهم في العمل تكرمة لآبائهم.
(١) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير: ج ٥ ص ١٧٧ - ١٧٨:الحديث (٥٠٠٤ - ٥٠٠٨).والإمام أحمد في المسند: ج ٤ ص ٣٦٧ و ٣٨١.وفي مجمع الزوائد: ج ١٠ ص ٢١٦؛قال الهيثمي: (رواه أحمد والبزار والطبراني، ورجال أحمد والبزار رجال الصحيح غير ثمامة بن عقبة وهو ثقة).