للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم بيّن متى يقع بهم ذلك العذاب فقال: {يَوْمَ تَمُورُ السَّماءُ مَوْراً} (٩) أي تدور دورانا وتضطرب وتتحرّك، والمور في اللغة: الذهاب والمجيء والتردّد والدوران. قيل: إنّها تدور كما تدور الرّحى، ويموج بعضها في بعض.

قوله تعالى: {وَتَسِيرُ الْجِبالُ سَيْراً} (١٠)؛أي تسير الجبال على وجه الأرض كما يسير السّحاب في الدّنيا فيستوي بالأرض. وقيل: معناه: تزول الجبال عن أماكنها وتصير هباء منثورا،

{فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ} (١١)؛أي فشدّة العذاب يومئذ للمذنبين،

{الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ} (١٢)؛يخوضون في حديث محمّد بالتّكذيب والاستهزاء، يلهون بذكره.

قوله تعالى: {يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلى نارِ جَهَنَّمَ دَعًّا} (١٣)؛أي يدفعون إلى نار جهنّم دفعا على وجوههم يحفّونه (١)،قال مقاتل: (تغلّ أيديهم إلى أعناقهم وتجمع نواصيهم إلى أقدامهم، ثمّ يدفعون إلى نار جهنّم دفعا على وجوههم، حتّى إذا دنوا منها قال لهم خزنتها: ذوقوا عذاب النّار الّتي كنتم بها تكذّبون في الدّنيا) (٢).

والدّعّ: هو الدفع بشدّة وعنف، تدفعهم الملائكة فيلقونهم في النار على وجه الاستخفاف، ويقولون لهم: {هذِهِ النّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ} (١٤).

قرأ أبو رجاء العطاردي: «(يوم يدعون إلى نار جهنّم دعا)» بالتخفيف من الدّعاء.

وتقول لهم ملائكة العذاب: {أَفَسِحْرٌ هذا؛} كما كنتم تزعمون في الدّنيا وتنسبون الأنبياء عليهم السّلام إلى ذلك، {أَمْ أَنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ} (١٥)،أي قد غطّى على أبصاركم، وهذا على وجه التّوبيخ، والمعنى: أتصدّقون الآن أنّ عذاب الله واقع،

ويقال لهم: {اِصْلَوْها؛} أي اصلوا النار، الزموها وقاسوا شدّتها، {فَاصْبِرُوا؛} على العذاب، {أَوْ لا تَصْبِرُوا سَواءٌ عَلَيْكُمْ؛} الصبر والجزع، {إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} (١٦)؛من الكفر والتكذيب.


(١) حفّوا حوله: أي أطافوا به واستداروا.
(٢) قاله مقاتل في التفسير: ج ٣ ص ٢٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>