للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لحمها وقسموه، فعاقبهم الله بصيحة فأهلكهم وهو

قوله تعالى: {فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ (٣٠) إِنّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً واحِدَةً فَكانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ} (٣١)؛قال عطاء: (يريد صيحة جبريل عليه السّلام أسمعهم الله إيّاها فهلكوا، وصاروا كالورق المتهشّم الّذي يجمعه صاحب الحضيرة إذا يبس غاية اليبس، وتحطّم غاية الانحطام) (١).

قال ابن عبّاس: (هو رجل يجعل الغنمة حظيرة بالشّجر والشّوك ليحرسها من السّباع، فما سقط من ورق ذلك الشّجر ويبس، وداسته الغنم وتحطّم وهو الهشيم) (١).وقال ابن زيد: (الهشيم هو الشّجر البالي الّذي تهشّم حتّى ذرّته الرّيح، والعرب تسمّي كلّ شيء كان رطبا فيبس فهو هشيم) (١)

{وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} (٣٢).

قوله تعالى: {كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ (٣٣) إِنّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ حاصِباً؛} أي ريحا ترميهم بالحصباء، والحصباء: هي الحجارة التي هي دون ملء الكفّ، قال ابن عبّاس: (يريد ما صبّوا به من السّماء من الحجارة)،وقوله تعالى: {إِلاّ آلَ لُوطٍ نَجَّيْناهُمْ بِسَحَرٍ} (٣٤)؛يعني بنتيه وزوجته المؤمنة، نجّاهم الله من العذاب،

{نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنا،} بأن أمرهم بالخروج في وقت السّحر، وكانت نجاتهم نعمة من الله عليهم، {كَذلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ} (٣٥)؛وكذلك يجزي الله كلّ من عرف إنعامه وقابله بالشّكر.

قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَنْذَرَهُمْ بَطْشَتَنا؛} أي خوّفهم لوط عذابنا، {فَتَمارَوْا بِالنُّذُرِ} (٣٦)،فشكّوا في الإنذار؛ أي فتدافعوا بالحجاج الباطل، ويقال: جادلوه في أمر الرّسالة ولم يصدّقوه.

قوله تعالى: {وَلَقَدْ راوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ؛} أي طلبوا أن يسلّم إليهم أضيافه وهم الملائكة قصدا منهم إلى عملهم الخبيث، فأمر الله جبريل أن يصفق بجناحه فأعماهم فبقوا حيارى، ومعنى: {فَطَمَسْنا أَعْيُنَهُمْ؛} أي أعميناهم


(١) ذكره البغوي في معالم التنزيل: ص ١٢٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>