قوله تعالى:{خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ كَالْفَخّارِ}(١٤)؛أي خلق أصل الإنسان وهو آدم من طين يابس إذا نقر صل؛ أي صوت كالفخار وهو الخزف الذي طبخ بالنار، يسمع منه الصوت إذا نقر وإذا اصطك بعضه ببعض. والمعنى: من طين يابسة كالخزف.
قوله تعالى:{وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ}(١٥)؛معناه: وخلق أصل الجن وهو الجان أبو الجن من مارج من نار، وهو الصافي من لهب النار، لا دخان فيه. وقيل: من لهب من نار مختلط بسواد النار. وقيل: إنه لسان النار الذي يكون في طرفها إذا التهبت.
وقال مجاهد:(هو ما اختلط بعضه ببعض من اللهب الأحمر والأصفر والأسود الذي يعلو النار إذا أوقدت، وهو من قولهم: مرج إذا اختلط)(١).وقيل:
إنه نار لا دخان لها تكون بين السماء الدنيا وبين حجاب دونها فأديم السماء يرى من ذلك الحجاب،
ومن تلك النار تكون الصواعق. {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ}(١٦).
قوله تعالى:{رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ}(١٧)؛أي مشرق الشمس في الشتاء، ومشرقها في الصيف، ومغربها في الشتاء ومغربها في الصيف، ويعني هو رب المشرقين ورب المغربين. وقيل: معناه: هو رب مشرق الشمس والقمر ومغربهما.
{فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ}(١٨).
قوله تعالى:{مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ}(١٩)؛أي أرسل البحرين العذب والمالح بالإجراء في الأرض. ومرجت الدابة إذا أرسلتها ترعى، ويجوز أن يكون معنى مرج: خلط، ومنه المرج لاختلاط أشجاره، وقوله تعالى {(يَلْتَقِيانِ)} أي يلاقي أحدهما صاحبه،
{بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ}(٢٠)؛أي بينهم حاجز من قدرة الله لا يبغي العذب على المالح فيكونان عذبا، ولا يبغي المالح عليه فيكونان مالحا.