للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال مجاهد: (هو من شأنه أنّه يجيب دعاءنا، ويعطي سائلنا، ويشفي سقيمنا، ويغفر ذنوبنا ويتوب على قوم، ويشقي آخرين) (١).وقيل: شأنه يخرج كلّ يوم وليلة ثلاثة عساكر: عسكرا من أصلاب الآباء إلى الأرحام، وعسكرا من الأرحام إلى الدّنيا، وعسكرا من الدنيا إلى القبور، ثم يرحلون جميعا إلى الله عزّ وجلّ (٢).

وحكي: أنّ بعض الملوك سأل وزيره عن معنى هذه الآية، فاستمهله إلى الغد، ورجع الوزير إلى داره كئيبا لم يعرف ما يقول، فقال له غلام أسود من غلمانه: يا مولاي ما أصابك؟ فزجره، فقال: يا مولاي أخبرني فلعلّ الله يسهّل لك الفرج على يديّ، فأخبره بذلك، فقال: عد إلى الملك فقل له: إنّ لي غلاما أسود إن أذنت له فسّر لك هذه الآية، ففعل ذلك. فدعا الملك الغلام فسأله عن ذلك، فقال: أيّها الملك؛ شأن الله تعالى أنه يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل، ويخرج الحيّ من الميّت، ويخرج الميت من الحيّ، ويشفي مريضا ويسقم سليما، ويبتلي معافى، ويعافي مبتليا، ويذلّ عزيزا ويعزّ ذليلا. فقال له الملك: أحسنت يا غلام فرّجت عني. ثم أمر الوزير فخلع ثياب الوزراء فكساها الغلام، فقال: يا مولاي هذا شأن الله تعالى (٣)،

{فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ} (٣٠).

قوله تعالى: {سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ} (٣١)؛هذا وعيد من الله تعالى للخلق بالمحاسبة، كقول القائل: لأتفرّغنّ لك وما به شغل، وهذا قول ابن عباس والضحّاك (٤)،وقال الزجاج: (معناه: سنقصد لحسابكم بعد التّرك والإمهال، ونأخذ


(٤) -والطبراني في الأوسط عنه: ج ٤ ص ١٠٩:الحديث (٣١٦٤).وأخرجه في الأوسط: ج ٧ ص ٣٢٥:الحديث (٦٦١٥) من طريق منيب بن عبد الله الأزدي. وفي مجمع الزوائد: ج ٧ ص ١١٧؛ قال الهيثمي: (أخرجه الطبراني في الكبير والأوسط (عن طريق منيب) وفيه من لم أعرفه).

<<  <  ج: ص:  >  >>