للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في أمركم ونجزيكم على ما فعلتم بعد طول الإمهال) (١).وهذا على وجه التهديد على ما جرت به العادات في استعمال هذا اللفظ، كما يقول الرجل: سأفرغ لغلامي، يريد سأجعل قصدي له، ولا يريد بذلك الفراغ من شغل هو فيه.

قرأ أبي «(سنفرغ إليكم)».وقرأ الأعمش «(سيفرغ لكم)» بياء مضمومة وفتح الرّاء (٢).وقرأ حمزة والكسائيّ وخلف بياء مفتوحة وبضمّ الراء، وقرأ الباقون بنون مفتوحة وضمّ الراء (٣).

قوله تعالى: (أيّها الثّقلان) الثّقلان الجنّ والإنس، يدلّ على ذلك قوله تعالى بعد ذلك، سمّيا ثقلين لأنّهما ثقل على الأرض أحياء وأمواتا، قال الله تعالى {وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها} (٤).وقال جعفر الصّادق: (سمّي الجنّ والإنس ثقلين؛ لأنّهما مثقلان بالذّنوب) (٥).

{فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ} (٣٢).

قوله تعالى: {يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا؛} في هذا بيان ضعف الخلائق عن دفع ما ينزل بهم من قضاء الله وعذابه، يقول: إن قدرتم على الخروج من نواحي السّماوات والأرض فاخرجوا هربا مما ينزل بكم في الدّنيا، لا تقدرون أن تخرجوا إلاّ بسلطان يعطيكم الله من قوّة وحجة، فحيث ما كنتم شاهدتم بسلطان الله تعالى، وذلك يدلّكم على وحدانيّة الله. وقيل: معناه: إن استطعتم أن تهربوا من الموت بالخروج من أقطار السموات والأرض فاهربوا واخرجوا. والمعنى: أنّكم حيث ما كنتم أدرككم الموت، ولن تستطيعوا أن تهربوا منه.

وقوله تعالى: {لا تَنْفُذُونَ إِلاّ بِسُلْطانٍ} (٣٣)؛أي لا تنفذون إلاّ بملكي، أي حيث ما كنتم وحيث ما توجّهتم فثمّ ملكي وقدرتي. وأقطار السموات


(١) قاله الزجاج بإيجاز في معاني القرآن وإعرابه: ج ٥ ص ٧٨.
(٢) قراءة على ما لم يسمّ فاعله، ذكره القرطبي في الجامع لأحكام القرآن: ج ١٧ ص ١٦٩.
(٣) ذكره القرطبي أيضا في الجامع لأحكام القرآن: ج ١٧ ص ١٦٩.
(٤) الزلزلة ٢/.
(٥) ذكره الثعلبي في الكشف والبيان: ج ٩ ص ١٨٦.والبغوي في معالم التنزيل: ص ١٢٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>