للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ (٥١) لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ (٥٢) فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ (٥٣) فَشارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ (٥٤) فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ} (٥٥).وذلك أنّ الله تعالى يلقي عليهم الجوع حتى يضطرّهم إلى أكل الزّقوم، فيأكلون منه حتى تمتلئ بطونهم، ثم يلقي عليهم العطش فيضطرّهم ذلك إلى شرب الحميم، فيشربون شرب الإبل العطاش التي يصيبها داء الهيام فلا تروى من الماء.

والهيم: الإبل العطاش التي بها الهيام لا تروى، وواحد الهيم أهيم، والأنثى هيماء، ويقال: الهيم هي الرمال التي لا يرويها ماء السّماء، مأخوذ من قولهم: كثيب أهيم، وكثبان هيم. قرأ نافع وعاصم وحمزة «(شرب)» بضم الشين، وقرأ الباقون بفتحها، والمعنى فيها واحد مثل ضعف وضعف (١)،

{هذا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ} (٥٦) أي هذا غداؤهم وشرابهم يوم الجزاء.

قوله تعالى: {نَحْنُ خَلَقْناكُمْ؛} أي نحن خلقناكم أيّها الكفار ولم تكونوا شيئا، {فَلَوْلا تُصَدِّقُونَ} (٥٧)؛أي فهلاّ تصدّقون بالبعث اعتبارا بالخلقة الأولى.

قوله تعالى: {أَفَرَأَيْتُمْ ما تُمْنُونَ (٥٨) أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخالِقُونَ} (٥٩)؛معناه: أخبروني يا أهل مكّة ما تقذفونه من المنيّ وتصبّونه في أرحام النساء، أأنتم تخلقونه ولدا أم نحن نخلقه ونجعله بشرا سويّا.

قوله تعالى: {نَحْنُ قَدَّرْنا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ؛} أي كتبناه عليكم وسوّينا به بين أهل السّماء والأرض على مقادير آجالهم في مكان معلوم وفي زمان معلوم، فمنكم من يموت صغيرا ومن يموت كبيرا.

قوله تعالى: {وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ (٦٠) عَلى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثالَكُمْ؛} أي ما نحن بمغلوبين عاجزين على أن نبدّل غيركم أطوع وأخشع منكم، وعلى أنه {وَنُنْشِئَكُمْ فِي ما لا تَعْلَمُونَ} (٦١)؛أي في موضع لا تعلمونه وهو النار. وقيل:

في صور لا تعلمونها من سواد في الوجوه وزرقة الأعين، ولو أردنا أن نجعل منكم


(١) ذكره أيضا القرطبي في الجامع لأحكام القرآن: ج ١٧ ص ٢١٤؛ قال: (لغتان جيدتان).

<<  <  ج: ص:  >  >>